شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب قضاء الصلاة

صفحة 60 - الجزء 1

  مسألة: (ومن ترك شيئاً من فروض الصلاة أو شروطها المتقدمة فهو على ضربين: أحدهما: أن يكون ما تركه من ذلك أمراً قد وَقَعَ الإجماعُ على وجوبه، فمتى تركه وجبت عليه الإعادة في الوقت وبعد خروجِه، سواء ترك ذلك عمداً أو سهواً، نحو أن يصلي وهو جُنُبٌ أو مُحْدِثٌ مع التمكن من الطهارة، وما جرى هذا المجرى)، وهذا مما لا خلاف فيه، والإجماعُ آكدُ الدلالة. والثاني: (أن يكون ما تركه من ذلك أمراً قد وقع فيه الخلاف وهو من مسائل الاجتهاد: فإن كان ما تَرَكَه سهواً أو جهلاً لم تجب عليه الإعادة إلا ما دام وقت تلك الصلاة باقياً، وإن كان تَرَكَه عامداً مع اعتقاده الوجوبَ لزمته الإعادة في الوقت وبعده نحو أن يتوضأ بماء نجس أو يصلي في موضعٍ نجس، أو في ثوب نجس، أو إلى غير القبلة وما جرى هذا المجرى). والأصل في ذلك ما روي أن النبي ÷: «بَعَثَ سَرِيَّةً فَصَلَّوا فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ إِلَى جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، ثُمَّ ظَهَرَلَهُمْ الْخَطَأُ بَعْدَ مَا طَلَعْتِ الشَّمْسُ فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ ÷ بِالإِعَادَةِ لَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ»⁣(⁣١). فصار هذا أصلاً في كل من ترك شيئاً مما يجب وطَرِيقُه الاجتهاد لم تلزمه الإعادة بعد خروج الوقت. وإنما قلنا: تلزمه الإعادة في الوقت؛ لأنه قد وَجَبَ عليه أداءُ الصلاة بكمال فروضها وشروطها، فإذا ظهر له خطأُه في الوقت فقد علم أنه لم يؤدها كما أُمِرَ بها وهو متمكن من أدائها في وقتها على الوجه الصحيح؛ فَلَزِمَه ذلك بحكم الأمر الأول، كما لو وقف بعرفَةَ قبل يوم عرفة على طريق التحري ثم عرف خطأه في يوم عرفة فإن إعادة الوقوف تلزمه، فأما من ترك ذلك عمداً وهو معتقدٌ


(١) الترمذي رقم ٣٤٥، والبيهقي ٢/ ١٠، والدار قطني ١/ ٢٧١.