باب صلاة الكسوف
  النبي ÷ أنه لما انكسفت الشمس صلي بهم، فقرأ سورةً من الطوال، وركع خمس ركعات، وسجد سجدتين، ثم قام إلى الثانية فقرأ سورةً من الطوال، وركع خمس ركعات، وسجد سجدتين، ثم جلس كما هومستقبل القبلة يدعو حتى انجلي كسوفُها(١). وروي عن أمير المؤمنين # أنه صلى فقرأ، ثم ركع، ثم رفع رأسه فقرأ حتى فعل ذلك خمسَ مرات، ويكبر عند رفع رأسه من الركوع في الأربع، ثم يقول بعد الخامسة: سمع الله لمن حَمِدَه، ثم يقوم ويسجد، ثم فعل في المرة الثانية مثل ذلك(٢)، وهذا يجري مَجْرَى المسند؛ إذ لا طريق للاجتهاد فيه.
  مسألة: (والمصلي بالخيار فيها بين الجهر والمخافتة). والوجه في ذلك ما روي أن النبي ÷ جهر بالقراءة فيها مرة وخافت مرة(٣)، فصار ذلك أصلاً في التخيير.
  فصل: وعند السيد أبي العباس الحسني(٤) | أن هذا التخيير إنما يكون في كسوف القمر، فأما كسوف الشمس فلا بد فيه من المخافتة؛ لأنه من صلاة النهار وقد قيل: إن صلاة النهار عجماء، غير أن ما ورد عن النبي ÷ من أنه جهر في كسوف الشمس يوضح أن التخييرَ ثابتٌ في ذلك أيضاً.
(١) شرح التجريد ١/ ٢٢٩، والشفاء ١/ ٤٤١، وأصول الأحكام، والاعتصام ٢/ ٨٦، والبيهقي ٣/ ٣٢٩، وأبوداود رقم ١١٨٢، والمستدرك على الصحيحين ١/ ٤٨١ رقم ١٢٣٨.
(٢) المسند ص ١٥٢، وشرح التجريد ١/ ٢٢٩، وأصول الأحكام، والاعتصام ٢/ ٨٥، ومعناه في البيهقي ٣/ ٣٢٩، وفتح الباري رقم ٩٩٧.
(٣) شرح التجريد ١/ ٢٣٠، والشفاء ١/ ٤٤٢، وأصول الأحكام.
(٤) أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب #، الحافظ الحجة، شيخ الأئمة قال الإمام عبدالله بن حمزة عنه: المتكلم الفقيه المناظر المحيط بألفاظ علماء العترة. ت: ٣٥٣ هـ. له: النصوص، وشرح المنتخب، والأحكام، والمصابيح. ينظر الشافي ١/ ٣١٨، والتحف ص ١٨٩، أعلام المؤلفين الزيدية ص ٧٨.