باب ذكر من توضع فيهم الزكاة
  فصل: ولا يجب صوم شهررمضان إلا برؤية الهلال، وتثبت رؤيته بالمشاهدة أو بخبرٍ متواتر أو شهادة عدلين فما فوقهما؛ وذلك لما تظاهرت به الأخبار من أن النبي ÷ كان يصوم ويأمر بالصوم بعد شهادة من شهد عنده على الرؤية(١). وروي عنه ÷ أنه ذُكِرَعندهَ الهلال فقال: «إِذَا رَأَيتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِن غُمَّ عَلَيْكُم فَعُدُّوا ثَلاَثِيْنَ يَومًا»(٢). وروي عن ابن عباس أن رسول الله ÷ ذكرَرمضان فقال: «لاَ تَصُومُوا حتَّى تَرَوُا الهلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِن غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّة ثَلاَثِينَ»(٣).
  مسألة: (وللصوم فرضان أحدهما: النية، والثانية: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى الليل). أما النية فالدليل على وجوبها في الصيام هو مثل ما تقدم ذِكْرُه في كتاب الطهارة من قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، ومن قول النبي: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِءٍ مَا نَوَى». على ما تقدم تقريره، ولأن الإمساك قد يكون عادة لحِمْيَةٍ أوغيرها، وقد يكون عبادة، فلا ينفصل أحدهما عن الآخر إلا بالنية. فأما الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى الليل؛ فذلك لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧]، وقد روي عن النبي ÷ أنه قال في الخيط الأبيض
(١) شرح التجريد ١/ ١٠٧، والشفاء ١/ ٦١٦، ومصنف ابن أبي شيبة ٢/ ٣٢٠.
(٢) الأحكام ١/ ٢٣٠، وشرح التجريد ١/ ١٠٨، وأصول الأحكام، والبيهقي ٤/ ٢٠٦، وأخرجه البخاري رقم ١٨٠١ بلفظ مقارب.
(٣) شرح التجريد ٢/ ١٠٨، وأصول الأحكام، والشفاء ١/ ٦٢٠، والبيهقي ٤/ ٢٠٨، ومسلم رقم ١٠٨٠ بألفاظ مقاربه.