باب ذكر من توضع فيهم الزكاة
  والخيط الأسود: «إِنَّمَا هُوَ سَوادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ»(١). والمفطرات فهي الأكل والشرب والجماع وإنزال المني إذا كان عن شهوة في اليقظة، على ما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.
  مسألة: (ونية صيام شهر رمضان تجزي(٢) من أول الليل إلى أن يبقى من النهاربعضه)، وهذا هو المقرر من مذهب الهادي #. والأصل في ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه بعث إلى أهل العَوَالي(٣) يوم عاشوراء، فقال: «مَن أَكَلَ فَلْيُمْسِكْ بَقِيَّةَ يَومِهِ، وَمَن لَّمْ يَأْكُلْ فَلْيَصُمْ»(٤)؛ فأمر بصوم عاشوراء وكان واجباً، وقد أجزأهم بنية من النهار؛ فصح مثل ذلك في كل صوم واجب معين؛ فلهذا جاز في صوم رمضان.
  فصل: وعند السيد المؤيد بالله لا يجزئُ صوم رمضان إلا بالنية من الليل؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لاَ صَوْمَ لِمَن لَّمْ يَنْوِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ»(٥). وهذا متأول في مذهب الهادي # على صوم القضاء والكفارات والنذور المطلقة التي ليست معينة في وقت معلوم، فإن هذه الأنواع من الصيام لا تجزي إلا بنية من الليل، أو يحمل على نفي الفضيلة كقوله: «لاَ صَلاَةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ»(٦).
(١) الشفاء ١/ ٦٢٨، والاعتصام ٢/ ٣٢٢، والبخاري رقم ١٨١٧، ومسلم رقم ١٠٩٠، وأبو داود رقم ٢٣٤٩.
(٢) قالت الحنفية: إن النية تجزي قبل الزوال لا بعده.
(٣) ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال، وقيل: ثلاثة، وذلك أدناها، وأبعدها ثمانية. انظر معجم البلدان ٤/ ١٦٦.
(٤) شرح التجريد ١/ ١١٥، وأصول الأحكام، والشفاء ١/ ٦٢٥، والبخاري رقم ١٨٢٤، ١٩٠٣، ٦٨٣٧، و مسلم رقم ١١٣٥ بألفاظ مقاربة.
(٥) شرح التجريد ٢/ ١١٦، وأصول الأحكام، والاعتصام ٢/ ٣١٨ بألفاظٍ مقاربة، والشفاء ١/ ٦٢٦، والبيهقي ٤/ ٢٠٢ بلفظ: «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صوم له»، ومثله سنن النسائي رقم ٢٦٤٣.
(٦) البيهقي ٣/ ٥٧، والدار قطني ١/ ٤١٩ رقم ١، وشرح معاني الآثار ١/ ٣٩٤، نصب الراية ٤/ ٤١٢.