شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب ذكر من توضع فيهم الزكاة

صفحة 109 - الجزء 1

  والخيط الأسود: «إِنَّمَا هُوَ سَوادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ»⁣(⁣١). والمفطرات فهي الأكل والشرب والجماع وإنزال المني إذا كان عن شهوة في اليقظة، على ما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

  مسألة: (ونية صيام شهر رمضان تجزي⁣(⁣٢) من أول الليل إلى أن يبقى من النهاربعضه)، وهذا هو المقرر من مذهب الهادي #. والأصل في ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه بعث إلى أهل العَوَالي⁣(⁣٣) يوم عاشوراء، فقال: «مَن أَكَلَ فَلْيُمْسِكْ بَقِيَّةَ يَومِهِ، وَمَن لَّمْ يَأْكُلْ فَلْيَصُمْ»⁣(⁣٤)؛ فأمر بصوم عاشوراء وكان واجباً، وقد أجزأهم بنية من النهار؛ فصح مثل ذلك في كل صوم واجب معين؛ فلهذا جاز في صوم رمضان.

  فصل: وعند السيد المؤيد بالله لا يجزئُ صوم رمضان إلا بالنية من الليل؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لاَ صَوْمَ لِمَن لَّمْ يَنْوِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ»⁣(⁣٥). وهذا متأول في مذهب الهادي # على صوم القضاء والكفارات والنذور المطلقة التي ليست معينة في وقت معلوم، فإن هذه الأنواع من الصيام لا تجزي إلا بنية من الليل، أو يحمل على نفي الفضيلة كقوله: «لاَ صَلاَةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ»⁣(⁣٦).


(١) الشفاء ١/ ٦٢٨، والاعتصام ٢/ ٣٢٢، والبخاري رقم ١٨١٧، ومسلم رقم ١٠٩٠، وأبو داود رقم ٢٣٤٩.

(٢) قالت الحنفية: إن النية تجزي قبل الزوال لا بعده.

(٣) ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال، وقيل: ثلاثة، وذلك أدناها، وأبعدها ثمانية. انظر معجم البلدان ٤/ ١٦٦.

(٤) شرح التجريد ١/ ١١٥، وأصول الأحكام، والشفاء ١/ ٦٢٥، والبخاري رقم ١٨٢٤، ١٩٠٣، ٦٨٣٧، و مسلم رقم ١١٣٥ بألفاظ مقاربة.

(٥) شرح التجريد ٢/ ١١٦، وأصول الأحكام، والاعتصام ٢/ ٣١٨ بألفاظٍ مقاربة، والشفاء ١/ ٦٢٦، والبيهقي ٤/ ٢٠٢ بلفظ: «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صوم له»، ومثله سنن النسائي رقم ٢٦٤٣.

(٦) البيهقي ٣/ ٥٧، والدار قطني ١/ ٤١٩ رقم ١، وشرح معاني الآثار ١/ ٣٩٤، نصب الراية ٤/ ٤١٢.