الفصل الأول من فصول المقدمة
  يضعف، فإن كلامنا هنا في حد مطلق الاسم قبل الكلام في شيء من أنواعه فإذا عرفت هذا، فالأولى في حد الاسم أن يقال (ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة) فقولنا: ما دل على معنى احترازاً من المهملات كما قدمنا، وقولنا في نفسه احترازا عن الحرف، فإنه يدل على معنى ولكنه يحصل في غيره، ألا ترى أنك إذا قلت: جدار وكتاب فإنك تفهم معنييهما الإفراديين الموضوعين لهما من غير شيء يضم إليهما بخلاف الحرف فإنه لا بد من ذكر متعلقه كقولنا: من الدار وإلى السوق، وإن قلت من وإلى فقط من دون ذكر متعلقهما لم تفد بهما معنى، فلابد من ذكر هذا المتعلق بخلاف الاسم. وقولنا غير مقترن احتراز عن الفعل فإن الاقتران بالأزمنة جزء من معقول حقيقته، ولا ينفك عنه. وقولنا: بأحد الأزمنة الثلاثة احتراز عن الصبوح والغبوق فإنهما وإن كان فيهما دلالة على الاقتران بالزمان، وهو على أن الصبوح يدل على شرب أول النهار، والغبوق يدل على شرب في آخره، فليس ذلك يخرجه عن حقيقة الاسم؛ لأنه ولو اقترن بالأزمنة فلم يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة المخصوصة للفعل التي هي: الماضي، والحاضر، والمستقبل. فبقي الحد سالما عن الاعتراض.
  وأما الموضع الثاني: وهو في ذكر الإشكالات الواردة على حد الاسم. فاعلم أنها ثلاثة: الإشكال الأول: نعم، وبئس، وحبذا، وليس وعسى، وفعلا التعجب، ووجه إشكالها أنها تدل على معنى في نفسها غير مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة ومع ذلك فإنها أفعال. فيجب أن يدخل في الحد ما ليس منه، وهذا يوجب بطلانه.
  والجواب: إن هذه أفعال دالة على الزمان في أصل وضعها، وإن تجردها عن الدلالة على الزمان عارض، وسبب العروض أنها خرجت إلى معنى