الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

الحروف الجارة

صفحة 293 - الجزء 1

  إلا رب وكاف التشبيه ومذ ومنذ، وحتى في أ حد أقسامها، وواو القسم وتاؤه، وواو رب وفاؤها، وكل ما وقع منها خبراً لمبتدأ أو صفة لموصول أو صلة الموصول أو حالاً لذي حال، فإنه يتعلق أبداً بمحذوف، وما عدا ذلك فإنه يتعلق بموجود، أو ما هو في حكم الموجود).

  قال السيد الإمام:

  قبل الشروع في بيان أحكام حروف الجر نذكر معناها. واعلم أن المراد بقولنا حروف الجر (ما وضع للافضاء بفعل أو مشتق منه أو معناه إلى ما يليه)، ونعني بقولنا ما وضع للإفضاء أن الفعل إذا كان قاصراً عن التعدي بنفسه، فإنه لا يمكن الإفضاء بمعناه إلى ما بعده إلا بواسطة حروف الجر، ألا ترى أن قولك (مررت) لما كان لا يقتضي مفعولا بنفسه لم يمكن الإفضاء بمعناه إلى ما يليه إلا بحرف الجر وهو في (الباء) في (مررت بزيد) وقولنا بفعل مثل (خرجت من الدار) وقولنا أو مشتق من الفعل في مثل قولك (أنا مار بزيد) فإن قولنا بزيد متعلق بماء لأنه مشتق من الفعل، وقولنا أو معناه في نحو قولك (زيد في الدار) فإن قولنا في الدار متعلق بمعنى الفعل لوقوعه في موضع الخبر فتعلق بمحذوف كما كقدمناه فهذه فائدة قولنا في الشيء إنه حرف جر، فإذا عرفت هذا فاعلم أن حروف الجر على ثلاثة أضرب.

  فالضرب الأول: منها لا يكون إلا حرفاً فقط. (وهي من وإلى وحتى، وفي واللام والباء، ورب، وواوها، وفاؤها، وواو القسم، وتاؤه)

  والضرب الثاني: يكون حرفاً واسماً وهي (عن، وعلى، والكاف، ومذ ومنذ).

  الضرب الثالث: يكون حرفاً وفعلاً وهي (حاشا، وعدا، وخلا) فلا جرم لما انقسمت على هذه الأضرب الثلاثة رتبنا الكلام فيها على ثلاثة مواضع.

  الموضع الأول: فيما لا يكون إلا حرفاً فقط وهي عشرة، ولها معان أربعة:

  أولها: ابتداء الغاية، في مثل قولك (سرت من البصرة)، لأن المعنى أن ابتداء مسيرك كان من البصرة.