(لا) النافية للجنس
  أما أولاً: فإنها لا تعمل إلا في النكرة و (إنّ) تعمل في النكرة والمعرفة جميعاً.
  وأما ثانياً: فلأن (لا) يحسن حذف خبرها، فتقول (لا بأس) ولا خوف) و (إن) لا يحسن حذف خبرها إلا في الندرة. وأما وجه المشابهة بينها وبين (إن) فمن وجهين: أحدهما: أنها لازمة للأسماء كلزوم (إن) للأسماء. وثانيهما: أنهما جميعاً من عوامل المبتدأ والخبر، فلأجل هذين الوجهين عملت عمل (إن) فتنصب الاسم إذا كان مضافاً أو مشبها بالمضاف، فالمضاف حقيقة في مثل قولك (لا غلام رجل عندك) و (لا صاحب صدق موجود) والمشبه بالمضاف في نحو قولك (لا ضارباً زيداً في الدار) و (لا عشرين درهما لك)، وإنما كان هذا مشبها بالمضاف لأن الثاني معمول للأول هاهنا ومن تمامه. كما أن المضاف إليه معمول المضاف ومن تمامه، فلأجل ذلك وجب إعرابه كإعراب المضاف، وترفع الخبر في مثل قولك (لا غلام رجل أفضل منك) و (لا صاحب صدق خير منك) فتعمل فيهما جميعا، وبنو تميم لا يثبتونه في كلامهم أصلاً، وكلام الشيخ هاهنا فيه تساهل حيث سمى الفتح نصبا. فإنه قال في صدر الباب وهي تنصب النكرة مادامت النكرة تليها، ومادام النفي مستغرقاً، ثم جعل المثال (لا إله إلا الله) والأمر في جميع ما ذكر بناء لا إعراب. وكان الصواب أن يقول: وهي تنصب النكرة إذا كانت مضافة أو مشبهة بالمضاف كما أوضحناه الآن، ولكنه تساهل في الإطلاق كعادته في غيره.
  الفائدة الثانية: في بيان ما يبطل عملها، واعلم أن الذي يعرض لها عن النصب فيبطله أمران.
  أحدهما: البناء في النكرة العامة في مثل قولك (لا أحدَ في الدار) و (لا غلام لك) وإنما بني مثل هذا لتضمنه معنى حرف الاستغراق، وهو (من) لأنه جواب لقول من يقول (هل من أحد في الدار) فتقول (لا أحد في الدار) فلما تضمن معنى وجب بناؤه. وثانيهما: الإعراب بالرفع عند أمرين أحدهما: ولاية الاسم المعرفة لها. وثانيهما: وقوع الفصل بينها وبين معمولها، فإذا حصل هذان الأمران، بطل ووجب الرفع والتكرير فتقول (لا زيد في الدار ولا عمرو) و (لا فيها رجل ولا امرأة) وإنما وجب الرفع في المعرفة، لأن وضع (لا) لنفي النكرة العامة، ولهذا كان عملها النصب مقصوراً عليها فلما وليتها المعرفة عادت إلى أصل المبتدأ والخبر فلهذا وجب الرفع. وإنما وجب التكرير في المعرفة لأنهم جعلوا تعدد المعرفة كالعوض عن التنكير، فلهذا وجب التكرير وإنما وجب الرفع عند الفصل