الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

حقيقة العامل

صفحة 378 - الجزء 1

الفصل الثامن فصل العامل

  (قال الشيخ: العامل هو ما عمل في غيره شيئاً من رفع أو نصب أو جزم، على حسب اختلاف العوامل، وجملة العوامل أربعة معنى وفعل وحرف واسم، ثلاثة لفظية وواحد معنوي فالمعنوي ضربان، أحدهما عامل الرفع في المبتدأ والآخر عامل الرفع في الفعل المضارع، فالمبتدأ قولك (زيد قائم وعبد الله منطلق)، فزيد ونحوه مبتدأ مرفوع لابد له من رافع، وليس في اللفظ ما يرفعه من شيء قبله ولا بعده فوجب أن يكون العامل معنويا، وذلك المعنوي هو الابتداء، والابتداء هو اهتمامك بالشيء، قبل ذكره، وفعلك له أولا لثان ذلك الثاني حديث عنه على هذه الصفة مجردا عن العوامل اللفظية، وهذا المعنى أيضاً هو الرافع للخبر بنفسه عند قوم، وقال قوم الابتداء والمبتدأ رفعا الخبر جميعا، وفيه أقوال أصحهما هذان القولان، ومثال الفعل المستقبل (مررت برجل يضحك)، و (رأيت رجلا يضحك)، فيضحك فعل مستقبل مرفوع ليس معه رافع قبله ولا بعده، فوجب أن يكون الرافع معنويا، وذلك المعنى هو وقوعه موقع الاسم، وفيه أيضا أقوال أصحها هذا القول).

  قال السيد الإمام:

  اعلم أن الشيخ ذكر هذا الفصل عقيب ما تقدم من الفصول المتقدمة، وغرضه الآن أن يبين كيفية عمل العوامل، وبيان وجه تأثيرها في معمولاتها، لأن الذي سلف كان كلاماً في أنفسها، والآن هو كلام في كيفية تأثيرها وهذا الفصل قد اشتمل على ثلاثة مواضع: الأول: في حقيقة العامل وبيان الوجه الذي لأجله أثر العامل، والثاني: في قسمة العوامل، والثالث: في كيفية تأثيرها في معمولاتها.

  أما الموضع الأول: وهو في حقيقة العامل وبيان الوجه الذي لأجله عمل. اعلم أن العامل في صناعة النحويين ليس مؤثراً بالحس كالقطع بالسيف وإنما هو أمارة ودلالة، فأما حده (فهو ما يظهر به حكم المقتضي) وبيانه أنك إذا قلت (قام زيد) فالمقتضي للرفع هو الفاعلية، وإنما يظهر حكمها وهو الرفع بقولنا (قام) لأنه العامل