الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

فعل التعجب

صفحة 398 - الجزء 1

  فسألوه عن معنى قولنا (ما أعظم الله)! فقال: معناه شيء جعله عظيماً، فشنعوا عليه هذا المقالة، وأخرجوه من الحلقة، وقالوا إن الله عظيم في نفسه لا بجعل جاعل، فلما قدم المبرد إلى بغداد أعادوا عليه المسألة، فأجاب بجوابه، ورد عليهم مقالتهم، وقال معناه شيء جعله عظيما، وليس عظمه بجعل جاعل، وإنما ذلك الشيء راجع إلى أمرين: أحدهما: أن مخلوقاته ومصنوعاته هذه المشاهدة هي التي جعلته عظيما، وثانيهما: إن الله تعالى لذاته عظيم، فهو الذي عظم نفس، فعظمه بذاته لا بغيره.

  الصيغة الثانية: قولنا (أفْعِلْ به) نحو (أكرم بزيد) ومعناه أنه أمر لكل أحد بان يجعل زيداً كريماً أي بأن يصفه بالكرم، فهاتان الصيغتان أعني (ما أفعله) و (أفعل به) قد أجريا مجرى المثل، فلم يغير كل واحد منهما عن صيغته في تثنية ولا جمع ولا تذكير، ولا تأنيث تقول (زيد ما أحسنه) و (وزيدٌ أحسن به) و (الزيدان ما أحسنهما) و (الزيدان أحسن بهما) و (الزيدون ما أحسنهم) و (الزيدون أحسن بهم) فلا تختلف صيغهما في حال.

  الفائدة الثانية: في ذكر الخلاف فيهما: أما الصيغة الأولى فالخلاف فيها من جهات ثلاث. الجهة الأولى (ما): وفيها ثلاثة مذاهب، فعند سيبويه أنها نكرة مبهمة ليست بموصولة، ولا موصوفة، وأنها في موضع رفع بالابتداء، وذهب الأخفش إلى أنها موصولة، وأنها في موضع رفع على الابتداء أيضاً وذهب بعض النحاة إلى أنها استفهامية في موضع رفع والمختار ما ذهب إليه سيبويه، لأنها إذا كانت مبهمة كان التعجب أدخل، و الاستظراف أوقع.

  الجهة الثانية: (أَحْسَنَ) وفيه مذهبان: أحدهما: مذهب الكوفيين، وبعض متأخري البصريين أنه اسم، وثانيهما: مذهب جماهير البصريين إلى أنه فعل غير