اسم الفاعل
  وأما بيان صيغته فهي على وجهين: أحدهما: المبالغة والثاني: لغير المبالغة، فالتي لغير المبالغة على وجهين ثلاثي، وزائدة على الثلاثة، فالثلاثي لا تخرج صيغته عن بناء فاعل (كقائم وقاعد وأكل وشارب) والزائد على الثلاثي لا يخرج عن صيغة المضارع، وتوضع الميم مكان حرف المضارعة (كمكرم، ومنطلق، ومُستخرج، ومدحرج) وثانيهما: للمبالغة وهي ثلاثة (فعال كشراب عسلاً) وفعول (كضروب رؤوس الرجال) ومفعال (كمنحار سمان الإبل) قال سيبويه: فهذه الصيغ أجروها مجرى اسم الفاعل في العمل كما ذكرنا.
  الفائدة الثانية: في بيان مشابهة الفعل، اعلم أن مذهب النحاة أن العمل بالأصالة للأفعال، وأن الأسماء إنما عملت لأجل المشابهة، وأن الإعراب مستحق بالأصالة للأسماء وأن الأفعال إنما أعربت لأجل المشابهة، فالأفعال دخيلة على الأسماء في إعرابها والأسماء دخيلة على الأفعال في عملها والمقتضي للمشابهة بينهما وجوه ثلاثة، قد قدمنا ذكرها، ونعيدها هاهنا. أولها: أن عدد حروف اسم الفاعل وحركاته وسكناته كعدد حروف الفعل وحركاته وسكناته. وثانيها: أنه يقع موقع الفعل في الصفة في نحو قولك (مررت برجل قائم ويقوم)، والحال في نحو (جاءك زيد يضحك وضاحكا) والخبر في مثل قولك (زيد يضرب وضارب)، وثالثها: أن لام الابتداء تدخل عليه كما تدخل على الفعل فتقول (إن زيدا لقائم) كما تقول (إن زيدا ليقوم) فلأجل هذه الوجوه كانا متشابهين، فحمل اسم الفاعل على الفعل في العمل، وحمل الفعل على اسم الفاعل في الإعراب، فهذا محصول كلام النحاة على هذا التقرير، والمختار عندنا أن الأسماء مقتضية للعمل بنفسها، لأن المقتضي للعمل في الفعل ليس أمراً معنوياً، وإنما هو أمر لفظي وهو مجرد الصيغة، فلا جرم كان حصولها في الأسماء كحصولها في الأفعال. فلهذا كان العمل أصلاً في