النعت
  المدح والذم وتكرر جاز قطعه عن إعراب ما قبله فتنصبه أبداً بإضمار فعل، وترفعه أبداً بإضمار مبتدأ مثل (مررت بالرجل الكريم العالم الجليل وعليه قوله تعالى {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}[النساء: ١٦٢] وكل ما امتنع من الأسماء أن يجمع بين نعوتها جاز القطع مثل أن يختلف الإعرابان والعاملان في العلامات مثل (هذا زيد ورأيت زيداً العاقلان)، ومثل (قام عمرو وقعد زيد الظريفين والظريفان)).
  قال السيد الإمام: هذا الكلام اشتمل على مواضع ثلاثة:
  الأول: في حقيقة النعت وبيان فائدته، والثاني: في تقسيمه، والثالث: في ذكر أحكامه.
  أما الموضع الأول: وهو في حقيقة النعت وبيان فائدته، أما حقيقته (فهو تابع يدل على معنى في متبوعه على الإطلاق) فقولنا تابع عام يشمله هو وغيره من سائر التوابع، وقولنا يدل على معنى في متبوعه يفصله عن سائر التوابع، وقولنا على الإطلاق يحترز به عن الحال في مثل قولك (جاء زيد ضاحكا)، فإنه دال على معنى في متبوعه وهو زيد وليس من باب النعت لما لم تكن دلالته على الإطلاق، بل إنما كانت مقيدة بالمجيء بخلاف قولنا مررت بزيد الكريم فإن الكرم صفة له على الإطلاق فافترقا.
  وأما بيان فائدته فاعلم أن النعت إنما يساق ليستفاد منه أمور خمسة أولها: التخصيص في النكرات كقولك (مررت برجل كريم ورجل عاقل) فاستفدنا بذكر هذين الوصفين تخصيصه من بيان سائر الرجال. وثانيها: التوضيح في المعارف كقولك (بزيد الكريم وزيد العالم، فأوضحنا بهذين الوصفين ما عرض من اللبس في هذين العلمين بينهما وبين غيرهما من سائر الزيدين، وهذان الأمران أعني التخصيص في النكرات، والتوضيح في المعارف أكثر ما تساق الصفات من أجلها. وثالثها: الثناء والتعظيم كالأوصاف الجارية على الله عز سلطانه كالخالق الباري المصور وغير هما من أوصافه، فإنها ما سيقت إلا لمجرد المدح والتعظيم. ورابعها الذم والتحقير