تخفيف الهمزة
  وهذا الثاني على قول هذا القائل لا يكون في كل موضع، بل في المواضع المعينة، كما في «سُئل» و «مستهزئون» على ما يجيء إن شاء الله تعالى.
  (وشرطه) أي: تخفيف الهمزة (أن لا تكون) الهمزة (مبتدأ بها) أي: في ابتداء الكلام بحيث لم يسبقها لفظ أصلاً، بل تكون مسبوقة إما ببعض حروف كلمتها كرأس، أو بكلمة أخرى نحو: قد أفلح.
  وإنما شرط ذلك لأن إبدال الهمزة إنما يكون بتدبير(١) حركة ما قبلها، كما يجيء في نحو: بئر. وحذفها إنما يكون بعد نقل حركتها إلى ما قبلها، كما في «مسألة» و «قد أفلح». وكذا بين بين البعيد تدبر(٢) بحركة ما قبلها، وإذا كانت في ابتداء الكلام لم يكن قبلها شيء، مع أنه(٣) يقربها من الساكن أيضاً. وأما بين بين المشهور فيقربها من الساكن كما يجيء إن شاء الله تعالى، والمبتدأ بها لا تكون ساكنة ولا قريبة من الساكن.
  ولم تخفف نوعاً آخر من التخفيف غير الأنواع المذكورة كقلبها حرفاً من جنس حركتها مثلاً لأن المبتدأ بها خفيفة؛ إذ الثقل يكون في الأواخر، على أنها قد قلبت في الأول هاء في بعض المواضع، كهرقت، وهرحت، وهياك.
  (و) اعلم أن الهمزة لما كانت أدخل حروف الحلق ولها نبرة كريهة تجري مجرى التهوع ثقلت بذلك على المتلفظ بها، فخففها قوم - وهم أهل الحجاز، ولا سيما قريش - وحققها غيرهم، والتحقيق هو الأصل كسائر الحروف، والتخفيف استحسان، فنقول:
  (هي) قسمان: (ساكنة ومتحركة) وهي قسمة حاصرة (فالساكنة) إذا أريد تخفيفها (تبدل بحرف حركة ما قبلها) إذ حرف العلة أخف منها، سواء كانت
(١) أي: بقلب. ولفظ حاشية: أي: بإتباع.
(٢) أي: تبدل وتقلب.
(٣) أي: بين بين.