[الإدغام في المتقاربين]
[الإدغام في المتقاربين]
  ولما فرغ من بيان الإدغام في المثلين أراد أن يذكر الإدغام في المتقاربين، لكن ذلك يتوقف على معرفة معنى التقارب، وتعيين كل متقاربين منها، فبين ذلك بقوله: (المتقاربان، ونعني بهما ما تقاربا في المخرج) أي: موضع تكوُّن الحرف في الحلق واللسان وغيرهما مما سنذكره.
  ومعرفة ذلك بأن تسكن الحرف وتأتي قبله بمتحرك كالهمزة، وتنظر أين ينتهي الصوت؟ فحيث ينتهي فثَم مخرجه، كما إذا قلت: أبْ - بسكون الباء - فإنك تجد الصوت قد انتهى في الشفتين. (أو) اتحدا (في صفة تقوم مقامه) أي: مقام المخرج، أي: تجعل الصفة من الجهر والهمس ونحوهما مما يذكر كالمخرج الواحد، فينزل اتفاقُ الحرفين فيها منزلة تقاربهما في المخرج في استدعاء الإدغام مثلاً، كاستدعاء صفة الجهر والتوسط بين الشدة والرخاوة في النون إدغامها في الواو والياء كما سيأتي، والاختلافُ فيها بمنزلة التباعد في المخرج في التبعيد عن الإدغام مثلاً، كتبعيد استطالة الضاد إياها عن الإدغام في الشين.
  والحاصل: أن تكون تلك الصفة من الصفات التي لها تأثير في استدعاء الإدغام أو الإظهار أو نحوهما كالإبدال. واحترز بذلك عن صفة لا تأثير لها في ذلك، كالإعجام والإهمال مثلاً.
[مخارج الحروف]
  (ومخارج الحروف التسعة والعشرين: ستة عشر) مخرجاً (تقريباً) وإلحاقاً لما اشتدت مقاربته بمقاربه فجعلا من مخرج واحد (وإلا فلكل حرف) بحسب التحقيق (مخرج) فتكون تسعة وعشرين مخرجاً؛ لأن(١) الصوت الساذج الذي هو محل الحروف - والحروف هيئة عارضة له - غير مخالف بعضه بعضاً في الحقيقة،
(١) علة لقوله: «وإلا فلكل حرف مخرج».