المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

تخفيف الهمزة

صفحة 19 - الجزء 2

تخفيف الهمزة

  ولما فرغ من الإمالة شرع في تخفيف الهمزة فقال: (تخفيف الهمزة يجمعه الإبدال والحذف وبين بين(⁣١)) أي: لا يخرج عن هذه الثلاثة؛ لأن المجموع⁣(⁣٢) لا يخرج عن جامعه. وقدم الإبدال على الحذف لأن فيه إبقاءً مّا على الهمزة بقيام غيرها مقامها، بخلاف الحذف فإنه إذهاب لها بالكلية.

  وأخر بين بين مع أن الإبقاء فيه عليها أكثر لاحتياجه إلى التفسير، فأخره ليتصل بتفسيره، وتتصل الأقسام من غير حاجة إلى تكرار ذكره، فمن ثمة قال: (أي: بينها وبين حرف حركتها) أي: بين الهمزة والواو إن كانت مضمومة، وبينها وبين الياء إن كانت مكسورة، وبينها وبين الألف إن كانت مفتوحة، وتجعل الحركة التي عليها مختلسة سهلة بحيث تكون كالساكنة وإن لم تكن ساكنة؛ بدليل مجيئها في الشعر وبعدها ساكن بحيث لو جمع بين الساكنين لانكسر البيت، قال الأعشى:

  أأن رأت رجلاً أعشى أضرّ به ... ريب المنون ودهر متبل خَبِل⁣(⁣٣)

  (وقيل:) بين بين على ضربين؛ لأنه إما أن يكون بينها وبين حرف حركتها كما ذكر، وهو الأول (أو) يكون (بينها وبين حرف حركة ما قبلها) وهو الثاني،


(١) أي: بين الإبدال والحذف.

(٢) أي: التخفيف، لا يخرج عن جامعه وهو الثلاثة.

(٣) قال الأعلم: استشهد به على تخفيف الهمزة الثانية من قوله: أأن، وجعلها بين بين، والاستدلال بها على أن همزة بين بين في حكم المتحركة، ولولا ذلك لانكسر البيت؛ لأن بعد الهمزة نوناً ساكنة، فلو كانت الهمزة المخففة في حكم الساكنة لالتقى ساكنان وذلك لا يكون في الشعر إلا في القوافي. انتهى.

والبيت من قصيدة الأعشى المشهورة، و «أأن» الهمزة الأولى للاستفهام، وأن - بالفتح - هي أن المصدرية، وهي مع مدخولها مجرورة بلام العلة. والأعشى: الذي لا يبصر بالليل. والمتبل: الذي يذهب المال والولد. وخبل - بفتح المعجمة وكسر الموحدة -: ملتو على أهله. من شرح شواهد الشافية.