[تقسيم الحروف المتقاربة باعتبار الصفات]
  لأنه إنما يفعل ذلك(١) بها إذا كانت الشين ساكنة قبل الدال، والدال مجهورة شديدة، والشين مهموسة رخوة تنافي جوهر(٢) الدال، ولا سيما إذا كانت ساكنة؛ لأن الحركة تخرج الحرف عن جوهره، فتُشرَب الشين صوت الجيم التي هي مجهورة شديدة كالدال لتناسب الصوت، فلا جرم استحسن ذلك. وإنما استهجن الجيم التي كالشين لأنه يُفْعَل ذلك بها إذا سكنت وبعدها دال أو تاء نحو: أجدر واجتمعوا، وليس بين الجيم والدال ولا بينها وبين التاء تباين، بل هما شديدتان، لكن الطبع ربما يميل لاجتماع الشديدين إلى السلاسة واللين فيشرب الجيم ما يقاربه في المخرج، أي: الشين، فالفرار عن المتنافيين مستحسن، والفرار عن المتماثلين مستهجن، فصار الحرف الواحد مستحسناً في موضع(٣) ومستهجناً في موضع آخر(٤) بحسب موقعه.
[تقسيم الحروف المتقاربة باعتبار الصفات]
  ولما فرغ من تقسيم الحروف المتقاربة باعتبار المخارج ذكر تقسيمها باعتبار الصفات فقال: (ومنها المجهورة والمهموسة) وهو عطف على مقدر يفهم من سياق الكلام؛ إذ المعنى أن الحروف المتقاربة منها حروف الحلق، ومنها كذا، إلى آخرها، أي: تنقسم إلى المتصف بصفة الجهر والمتصف بصفة الهمس، وباعتبار آخر إلى المتصف بصفة الشدة والمتصف بصفة الرخاوة والمتصف بأنه بينهما، وهو معنى قوله: (ومنها الشديدة والرخوة وما بينهما) وقس على ذلك قوله: (ومنها المطبقة والمنفتحة، ومنها المستعلية والمنخفضة، ومنها حروف الذلاقة والمصمتة، ومنها حروف القلقلة، والصفير) أي: وحروف الصفير
(١) أي: الاشراب.
(٢) «جهر». نخ.
(٣) إذا كان أصله الشين؛ لما عرفت من المنافاة بينهما وبين الدال.
(٤) إذا كان أصله الجيم؛ لما بين من الاتفاق بينهما في الصفة. ن.