الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[الإذن بقتال المشركين وفرض الجهاد]

صفحة 111 - الجزء 2

  ولا عهداً، ولا شيئاً مما ذكرنا من الآيات التي قلنا: إنها نسخت بما قلنا من الآي إلاَّ نسخته، ولم تدع حضاً على الجهاد ولا ترغيباً فيه، ولا إنباء عمن تكلم في النبي ÷ بشيء إلاَّ ذكرته، وهي الفاضحة كما سماها أهل المدينة، ولقد بلغني من حيث أثق [٥١/ ٢] أن ابن عباس قال: ما زالت براءة تنزل {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ...} ومنهم ... حتى ظننا أنها لا تترك منَّا أحداً⁣(⁣١).

  وبلغني من حيث أثق، عن المقداد بن الأسود⁣(⁣٢) عن أبي أيوب الأنصاري⁣(⁣٣) [٥٢/ ٢] أنهما قالا: قال الله تعالى: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً} ولم نجد إلاَّ حفيفاً وثقيلاً، ولم يعذر الله أحداً من الجهاد⁣(⁣٤).

  وبلغني عن مجاهد⁣(⁣٥) وغيره [٥٣/ ٢] أن الجهاد لماَّ فرض قال الناس: فينا الثقيل وذو


(١) عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: سورة التوبة، فقال: تلك الفاضحة، مازال ينزل حتى خشينا أن لا يبقى منهم أحد إلا ذكر، وسميت بذلك؛ لأنها فضحت المنافقين بإظهار نفاقهم. تفسير الطبري (٣/ ٥ - ٦)، تفسير الخازن (٢/ ٣٣٢)، وقد نزلت سنة تسع من الهجرة، ولها أربعة عشر اسماً: براءة، التوبة، الفاضحة، سورة العذاب، المبعثرة ... إلخ. انظر: عقود العقيان (خ)، زاد المسير (٣/ ٣٨٩)، فتح القدير (٢/ ٣٣١).

(٢) هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة القضاعي الكندي البهراني، ويقال له: المقداد بن الأسود؛ لأنه رُبي في حجر الأسود بن عبد يغوث الزهري فتبناه، صاحب رسول الله وأحد السابقين الأولين، شهد بدراً والمشاهد، ثبت أنه كان يوم بدر فارساً، عاش نحوا من سبعين سنة، مات في سنة ٣٣ هـ، وصلى عليه عثمان بن عفان وقبره بالبقيع. انظر: سير أعلام النبلاء (١/ ٣٨٥ - ٣٨٩) وما ذكره المؤلف عن المقداد بنفس المصدر ص (٣٨٨).

(٣) هو أبو أيوب الأنصاري الخزاعي البخاري البدري، اسمه: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عمرو بن عوف، وهو الذي خصه النبي ÷ بالنزول عليه في بني النجار إلى أن بنيت له حجرة أم المؤمنين سودة، وبني المسجد الشريف، له عدة أحاديث، شهد العقبة وشهد المشاهد كلها، وشهد حرب الخوارج مع الإمام علي # والقول الذي ذكره المؤلف عنه ذكره في سير أعلام النبلاء، (٢/ ٤٠٥)، انظر: سير أعلام النبلاء (٢/ ٤٠٢ - ٤١٣).

(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٣٣) عن المقداد بن الأسود، وفي حلية الأولياء (١/ ١٧٦) وابن سعد في الطبقات (٣/ ١٢١، ٣٦٩). وانظر: هبة الله ص (١٧٦).

(٥) هو مجاهد بن جبر شيخ القراء والمفسرين، أبو الحجاج المكي، الأسود، توفي سنة (١٠٠ هـ) وقيل: سنة (١٠٢ هـ) وقيل خلاف ذلك. انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ٤٤٩ - ٤٥٧).