الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[الإذن بقتال المشركين وفرض الجهاد]

صفحة 110 - الجزء 2

  ومن ذلك اليوم وقع العدد؛ إذ كان يوم الإذن بالحرب، فجعل الله هذه الأربعة الأشهر وهي: عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر حداً لمن كان له عهد ونظرة لهم يسيحون في الأرض، أي: يذهبون حيث أحبوا، وأرسل رسول الله ÷ علياً ~ وأمَّرهُ على الناس في تلك الحجة، وأمره أن يؤذن في الناس بالحرب، ويتلو عليهم العشر الآيات التي من أول براءة (*) ويجعل ذلك لمن له عهد ولمن ليس له عهد أجل انسلاخ الأشهر الحرم، وإنما سموها حُرم وليست الحرم التي ذكره الله تعالى حين آمنوا فيها، ثم أمر نبيه ÷ إذا انسلخت الأشهر الحرم أن يضع السيف، وأمر رسول الله ÷ علياً # أن يؤذن الناس كافة بالقتال إن لم يؤمنوا، وكانت الأربعة الأشهر عندهم كما قلنا حرم حين أمنهم الله فيها، حتى انسلخت، ثم قال الله تعالى لنبيه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}⁣[التوبة: ٥]، وأمر الله بنقض العهد الذي كان بينه وبين [٢٢ ب - أ] الناس جميعاً إلاَّ ما كان بينه وبين أهل مكة من قريش، فإنه قال له: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}⁣[التوبة: ٧].

  قال عبد الله بن الحسين ~: [٨١ ب - ب] بلغني من حيث أثق [٥٠/ ٢] أن علياً # بعث مؤذنين يوم الحج الأكبر: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فأجله أربعة أشهر، فإذا مضت فإن الله بريء من المشركين ورسولُه⁣(⁣١).

  قال عبد الله بن الحسين ª: فلم تدع براءة هدنة ولا موادعة


(١) عن أبي هريرة أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمَّره رسول الله ÷ عليها قبل حجة الوداع في رهط يؤذن في الناس يوم النحر أن: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. وفي رواية: ثم أردف النبي ÷ بعلي بن أبي طالب فأمره أن يؤذن ببراءة. قال أبو هريرة: فأذن معنا في أهل منى ببراءة: أن لا يحج بالبيت بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، وفي رواية: ويوم الحج الأكبر: يوم النحر والحج الأكبر. انظر: الخازن (٢/ ٣٣٤ - ٣٣٥)، ابن كثير (٢/ ٥٤٤) وما بعدها.