[الإذن بقتال المشركين وفرض الجهاد]
  ومن ذلك اليوم وقع العدد؛ إذ كان يوم الإذن بالحرب، فجعل الله هذه الأربعة الأشهر وهي: عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر حداً لمن كان له عهد ونظرة لهم يسيحون في الأرض، أي: يذهبون حيث أحبوا، وأرسل رسول الله ÷ علياً ~ وأمَّرهُ على الناس في تلك الحجة، وأمره أن يؤذن في الناس بالحرب، ويتلو عليهم العشر الآيات التي من أول براءة (*) ويجعل ذلك لمن له عهد ولمن ليس له عهد أجل انسلاخ الأشهر الحرم، وإنما سموها حُرم وليست الحرم التي ذكره الله تعالى حين آمنوا فيها، ثم أمر نبيه ÷ إذا انسلخت الأشهر الحرم أن يضع السيف، وأمر رسول الله ÷ علياً # أن يؤذن الناس كافة بالقتال إن لم يؤمنوا، وكانت الأربعة الأشهر عندهم كما قلنا حرم حين أمنهم الله فيها، حتى انسلخت، ثم قال الله تعالى لنبيه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}[التوبة: ٥]، وأمر الله بنقض العهد الذي كان بينه وبين [٢٢ ب - أ] الناس جميعاً إلاَّ ما كان بينه وبين أهل مكة من قريش، فإنه قال له: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: ٧].
  قال عبد الله بن الحسين ~: [٨١ ب - ب] بلغني من حيث أثق [٥٠/ ٢] أن علياً # بعث مؤذنين يوم الحج الأكبر: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فأجله أربعة أشهر، فإذا مضت فإن الله بريء من المشركين ورسولُه(١).
  قال عبد الله بن الحسين ª: فلم تدع براءة هدنة ولا موادعة
(١) عن أبي هريرة أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمَّره رسول الله ÷ عليها قبل حجة الوداع في رهط يؤذن في الناس يوم النحر أن: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. وفي رواية: ثم أردف النبي ÷ بعلي بن أبي طالب فأمره أن يؤذن ببراءة. قال أبو هريرة: فأذن معنا في أهل منى ببراءة: أن لا يحج بالبيت بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، وفي رواية: ويوم الحج الأكبر: يوم النحر والحج الأكبر. انظر: الخازن (٢/ ٣٣٤ - ٣٣٥)، ابن كثير (٢/ ٥٤٤) وما بعدها.