الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[الأسارى]

صفحة 114 - الجزء 2

[الأسارى]

  قال عبد الله بن الحسين ª: فأما ما اختلف فيه من فدي الأسارى أوالمن عليهم أو القتل لهم، فنحن بعون الله مفسرون ذلك.

  زعم قوم أنه لا يجوز قتل الأسارى، وأنه ليس فيهم غير المن أو الفداء، واحتجوا في ذلك بقول الله ø: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}⁣[محمد: ٤]، وزعم قوم آخرون أنها منسوخة⁣(⁣١) نسخها قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}⁣[التوبة: ٥]، وزعموا أنه لا يجوز الأسر إلاَّ بعد قوة من المؤمنين وضعف من الكافرين، واحتجوا بقول الله سبحانه: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}⁣[محمد: ٤] [٢٤ أ - أ].

  قال عبد الله بن الحسين ª: والقول عندي أنه ليس في هذه الآيات ناسخ ولا منسوخ، وإنما قالوا به مما قد ذكرت غير صواب، كل آية مما احتجوا بها عندي محكمة، والقول عندنا: أن النبي ÷ كان مخيراً في جميع ذلك، وأنما كان له [١١ ب - جـ] من الاختيار [٨٣ أ - أ] كان واجباً لغيره من الأئمة $ بعده إلى يومنا هذا، وأن للإمام الخيار في الأسارى، إن شاء قتل، وإن شاء فدى، وإن شاء شد الوثاق بالحبس وغيره، وكذلك له أن يفعل في الفئة الباغية، غير أن له في المشركين ما ليس في غيرهم من الباغين؛ لأن له في المشركين الاستعباد وليس له ذلك في الباغين ممن شهد الشهادتين، وحجتنا في ذلك ما أجمعت عليه العلماء جميعاً من أن رسول الله ÷ لم يزل يقتل ويفادي ويستعبد ويمن، من يوم بدر إلى أن مات ÷ هذه الأربعة نافذة في جميع أحكامه وحروبه؛ قتل يوم بدر عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث⁣(⁣٢).


(١) انظر: النحاس ص (٢٢١ - ٢٢٢) نواسخ القرآن ص (٢٢٨ - ٢٢٩)، هبة الله ص (١٧٣)، زاد المسير (٧/ ٣٩٧)، التبيان لابن أبي النجم، الإيضاح (٤١٣) الطبري (٩/ ١٦٢)، ابن حزم ص (٥٦).

(٢) عقبة بن أبي معيط، هو أحد المقتولين في غزوة بدر قتله صبراً بالصفراء، وكذا النضر بن الحارث قتله صبراً بالأنبل. قال ابن الأثير في أسد الغابة: أجمع أهل المغازي والسير على أنه - أي النضر بن الحارث - أسر يوم بدر، وقتل كافراً، قتله على بن أبي طالب، أمره رسول الله ÷، وأنه قتل يوم بدر كافرا؛ وإنما قتله لأنه كان شديداً على رسول الله ÷ والمسلمين، انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ١٣)، أسد الغابة (٥/ ١٧ - ١٨).