[من المسائل المتفرقة: آية النجوى]
  ذلك أن مناجاة المؤمنين كثرت على رسول الله ÷ كثيراً، وغمته وأحزنت ناساً من المؤمنين، فأحب الله تبارك وتعالى أن يوقفهم عن ذلك منه ويخفف عنه # ما قد شق عليه وعلى المؤمنين منها، فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المجادلة: ١٢]؛ فوقف الناس عن تلك المناجاة غير علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام فإنه قدم وناجاه(١).
  قال عبد الله بن الحسين ª: بلغني من حيث أثق به عن علي # [٦٠/ ٢] أنه قال: إن في كتاب الله لآيةً وفرضاً ما عمل بهما غيري، ولا يعمل بهما أحد بعدي، لما أنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} كان معي دينار فصرفته وكنت كلما أردت أن أناجي رسول الله ÷ [١٤ أ - جـ] تصدقت بدرهم، فلم يفرغ الدينار حتى نسخت الآية بقول الله ø: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [٣٠ أ - أ] وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المجادلة: ١٣](٢)، فهذا مما لا اختلاف فيه مما ذكر من أمر النجوى، والله ولي التوفيق.
(١) انظر: النحاس ص (٢٣٣)، هبة الله ص (١٧٩)، أسباب النزول للواحدي (٣٠٨)، جامع البيان (٦/ ٢٥٢)، عقود العقيان (٢/خ)، نواسخ القرآن (٢٣٥ - ٢٣٦)، التبيان لابن أبي النجم، الناسخ والمنسوخ لقتادة، المورد ص (٤٩٩)، الإيضاح (٤٢٦) ابن حزم (٥٩).
(٢) أخرجه النسائي في الخصائص (١٢٩ رقم ١٤٨)، والترمذي رقم (٣٣٠٠)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٤٨٢)، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (٢/ ٢٣١)، والكوفي في المناقب (رقم ١٠٨، ١١١، ١١٤)، ومصادر أخرى عديدة.