[صلاة قيام الليل]
[صلاة قيام الليل]
  قال عبد الله بن الحسين ª: ومما اختلف في ناسخه ومنسوخه صلاة الليل وقيامه في سورة المزمل، وذلك أن الله تعالى أنزل [٨٩ أ - ب] أولها بمكة وآخرها بعد ستة أشهر بالمدينة، فزعم قوم أن قول الله ø: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إلاَّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}[المزمل: ١ - ٣]، نزل بمكة وأنه أمرٌ من الله لنبيه بالصلاة في هذه الأوقات التي ذكروا أنها نافلة، ثم نسخ ذلك بقوله في آخر السورة: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المزمل: ٢٠] فزعم أهل هذا القول أن هذا في صلاة الليل، وأنه جاء بعد الأمر بها الرخصة في تركها بالنسخ لها، وقال آخرون: السورة كلها محكمة وليس فيها ناسخ ولا منسوخ(١) وإنَّما أراد الله الأمر بالصلاة فيها والقيام بالقرآن والترتيل(٢) له إنما ذلك كله في صلاة العتمة المفروضة، وإنما جاء في آخر السورة من التوسعة في الأوقات رحمةً من الله للعباد، لما ذكر الله سبحانه من علمه بهم، وأن منهم مريضاً [٣٠ ب - أ] ومسافراً ومجاهداً، وهذا الآخر قولنا وبه نأخذ، ومن الدليل على ما قلنا به أن الصلاة التي ذكرت في هذه
(١) انظر: النحاس ص (٢٥٣ - ٢٥٤)، نواسخ القرآن ص (٢٤٦ - ٢٤٧)، ابن حزم (٦٢)، هبة الله (١٨٧)، عقود العقيان (٢/خ)، التبيان لابن أبي النجم، الإيضاح (٤٤٣)، قتادة المورد ص (٥٠١)، القرطبي (١٩/ ٥٢ - ٥٩)، زاد المسير (٣٩٥ - ٣٩٧)، جامع البيان (١٢/ ٢٩٢ - ٢٩٥).
(٢) في (ب): التنزيل.