الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[ناسخ ومنسوخ الطعام]

صفحة 132 - الجزء 2

  (وتأولوا جميع ما في القرآن [٣١ أ - أ] على هذا التأويل)⁣(⁣١).

  قال عبد الله بن الحسين ª: وأمّا الحجة في ذكر الأعمى والأعرج والمريض، فإنه بلغني [٦١/ ٢] أن قوماً من المؤمنين كان أحدهم يستتبع⁣(⁣٢) الزَّمِن والأعرج والمريض من أهل الفاقة ليطعمه، فإن لم يجد في بيته شيئاً ذهب به إلى بيت أبيه أو إلى بيت بعض أقاربه ليطعمه منه فكان المستتبع يكره ذلك ويحتشم منه، فنزلت له الرخصة والإذن بأن لا حرج عليه في ذلك⁣(⁣٣) وقد زعم قوم آخرون غير هذا وقالوا: كان المسلمون [١٤ ب - جـ] إذا غزوا يدفعون [٦٢/ ٢] مفاتيح خزائنهم إلى من لا يطيق الغزو من [٩٠ أ - ب] الزمانة، من أعرج، أو أعمى، أو مريض ويقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا منها، فكانوا يتحرجون من ذلك فنزلت الآية رخصة لهم⁣(⁣٤).

  (وقال آخرون: [٦٣/ ٢] إن الأنصار كانوا لا يأكلون من بيوت قرابتهم إذا استغنوا منها، فنزلت هذه الآية رخصة لهم)⁣(⁣٥) [وهي] قوله: {وَلاَ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا


(١) في (أ، ج) وتأولوا جميع ما كان في القرآن مثل هذا على هذا التأويل.

(٢) يستتبع: استتبعه: طلب إليه أن يتبعه، والتباع: الولاء. ورجل زمن: أي مبتلى بين الزُّمانة والزمانة العاهة. لسان العرب ٦/ ٨٧.

(٣) أخرج الواحدي في أسباب النزول عن مجاهد بأن الآية نزلت ترخيصاً للمرضى والزمنى في الأكل من بيوت من سمى الله تعالى في هذه الآية، وذلك أن قوماً من أصحاب رسول الله ÷ كانوا إذا لم يكن عندهم ما يطعمونهم ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وأمهاتهم، أو بعض من سمى الله تعالى في هذه الآية، وكان أهل الزمانة يتحرجون من أن يطعموا ذلك الطعام؛ لأنه أطعمهم غير مالكيه ويقولون: إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أسباب النزول، ص (٢٤٩)، لباب النقول للسيوطي، ص (٢٠٣)، تفسير الخازن (٣/ ٣٠٥ - ٣٠٦)، نواسخ القرآن ص (١٩٩، ٢٠١).

(٤) أخرج الواحدي في أسباب النزول، ص (٢٤٩)، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول في هذه الآية: أنزلت في أناس كانوا إذا خرجوا مع النبي ÷ وضعوا مفاتيح بيوتهم عند الأعمى والأعرج والمريض وعند أقاربهم، وكانوا يأمرونهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إذا احتاجوا إلى ذلك، وكانوا يتقون أن يأكلوا منها ويقولون: نخشى أن لا تكون أنفسهم بذلك طيبة، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

(٥) أخرجه السيوطي في (لباب النقول) ولفظه: وأخرج عن قتادة قال نزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} في حي من العرب كان الرجل منهم لا يأكل طعامه وحده، وكان يحمله بعض يوم حتى يجد من يأكل معه، وما وضع بين () ساقط في (ب).

وأخرج عن عكرمة وأبي صالح قالا: كانت الأنصار إذا نزل بهم الضيف لا يأكلون حتى يأكل الضيف معهم، فنزلت رخصة لهم. انظر: أسباب النزول، للواحدي ص (٢٤٩ - ٢٥٠)، لباب النقول، للسيوطي ص (٢٠٣ - ٢٠٤).