[كتاب الصلاة: أول ما نسخ (تحويل فرض القبلة)]
  فقالوا: مَا ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟
  وقد قال أيضا قبل ذلك مثل هذا القول مشركو العرب، حين صلَّى ÷ إلى بيت المقدس وترك قبلة أبيه إبراهيم فأنزل الله سبحانه: {قل لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْم}[البقرة: ١٤٢](١).
  ثم قال ø: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْه}[البقرة: ١٤٣] يقول (الله سبحانه)(٢): ليتبين لك أهل اليقين والتسليم من أهل الشك والارتياب، وكذلك قال في موضع آخر: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: ٦٥] والتسليم(٣) لأمر الله وأمر رسوله، وترك الشك والارتياب، فهو صريح الإيمان، ألا تسمع إلى قول الله ø: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ}[البقرة: ١٤٣] يعني بذلك تحويل القبلة، ثم قال تَقَدّس [اسمه] مخبراً عن اليهود وغيرهم: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا [٦٢ ب - ب] وَلاَّهُم عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ...} الآية [البقرة: ١٤٢] يعني بالسفهاء: اليهود، ومن قال بقولهم. [٣/ ١] وقد بلغني أن رسول الله ÷ (لما نسخت القبلة)(٤)، صعد المنبر فتلى على الناس هذه الآية إلى آخرها: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ...}[البقرة: ١٤٤] ثم نزل عن المنبر فصلى بهم الظهر إلى البيت العتيق، وكان أول صلاة [٣ ب - أ] صليت بعد النسخ إلى المسجد الحرام.
(١) بعد قوله تعالى: {مَنْ يَشَاءُ ...} نهاية [٣ أ - ج].
(٢) في (جـ، أ): سبحانه.
(٣) في (جـ): فالتسليم، والآية (٦٥) من سورة النساء نزلت في الزبير بن العوام ورجل من الأنصار. انظر: تفسير الخازن (١/ ٣٩٥ - ٣٩٦)، مجمع الزوائد (٧/ ٩).
(٤) في (ب): لما أن نسخت القبلة.