الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[كتاب الزكاة والصدقات]

صفحة 49 - الجزء 1

  وقال آخرون: أنها منسوخة نسختها المواريث والفرائض⁣(⁣١) والقول فيها عندي⁣(⁣٢): أنها منسوخة نسختها المواريث والفرائض، غير أني أستحب لأهل الميراث أن يرضخوا لمن حضر القسمة من مساكين القرابة والأيتام وغيرهم.

  واختلفوا أيضا في الآية التي في الأنعام⁣(⁣٣)، وهو قوله ø: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}⁣[الأنعام: ١٤١] فزعم قوم أنه حق أوجبه الله تعالى في أموال العباد [٦٣ أ - ب]، وفرض عليهم إطعام المساكين منه يوم حصاده، وذلك أنه حق لازم.


(١) أي آية المواريث. وهي الآية (١١) من سورة النساء.

(٢) في (أ، ج): والقول عندي.

(٣) اختلف العلماء حول آية الأنعام (١٤١) إلى خمسة أقوال:

الأول: أنها منسوخة بالزكاة المفروضة، وممن ذهب إلى ذلك سعيد بن جبير، وهو قول أبي جعفر محمد بن علي (الباقر) # وعكرمة؛ إذ كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، وقال الضحاك: نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن.

الثاني: أنها منسوخة بالسنة (العشر ونصف العشر) وهو المروي عن ابن عباس وإبراهيم، وهو قول محمد بن الحنفية والسدي، وأنس بن مالك فيما يرويه يزيد بن درهم عنه.

الثالث: أنها تعني الزكاة المفروضة، وممن قال بذلك الحسن، وهو قول سعيد بن المسيب، وجابر بن يزيد، وعطاء وقتادة وزيد بن أسلم، وهو قول الشافعي على التأويل.

الرابع: أنها محكمة واجبة يراد بها غير الزكاة أي الصدقة، وأن في المال حقاً سوى الزكاة وهو معنى الآية، وهو قول جماعة من أهل العلم: منهم الإمام جعفر بن محمد #، وقد روي وصح عن الإمام علي بن الحسين أنه أنكر حصاد الليل، ومجاهد ومحمد بن كعب وعطية وأبو عبيد.

الخامس: أنها على سبيل الندب - قال النحاس: وهذا القول لا نعرف أحداً من المتقدمين قاله.

أما المراد بالحق في الآية فقد اختلف العلماء على قولين هما:

الأول: أنه الزكاة، وهو قول أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وابن الحنفية، وعطاء، وقتادة، وزيد بن أسلم في آخرين، وبناء على ذلك فالآية محكمة، وينبغي على قول هؤلاء أن تكون هذه الآية مدنية والسورة مكية، والزكاة إنما أنزلت بالمدينة.

الثاني: أنه حق غير الزكاة أمر به يوم الحصاد، وهو إطعام من حضر وترك ما سقط من الزرع والثمر. انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص (١٣٣ - ١٣٤)، نواسخ القرآن ص (١٥٧ - ١٥٩).