الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[الفدية]

صفحة 65 - الجزء 1

  يتغدى [٤ أ - جـ] يوم عاشوراء⁣(⁣١) فدعاه إلى غدائه، فقال: إني صائم؛ فقال ابن مسعود: إنما كان رسول الله ÷ يصوم عاشوراء، أو كان الناس تصومه⁣(⁣٢) فلما نزل شهر رمضان ترك؛ فمن شاء صامه، ومن شاء تركه، أفطره⁣(⁣٣).

  وبلغني أيضا عن قيس بن سعد بن عبادة⁣(⁣٤) أنه قال: [١٧/ ١] كنا نصوم عاشوراء ونخرج زكاة الفطر، فلما أمرنا بالزكاة وصوم شهر رمضان لم نؤمر بهما ولم ينه عنهما، وكنا نفعلهما⁣(⁣٥).

  قال عبد الله بن الحسين ª: فهذا ما ذكر من نسخ الصيام ومنسوخه، وما اختلف فيه منه، ولم أذكر ما ذكرت من الاختلاف الذي لا وجه له إلاَّ مخافة أن يحتج بذلك محتج، ويظن أنه مصيب.


(١) يوم عاشوراء: هو اليوم التاسع من شهر محرم الحرام، وهذا رأي ابن عباس، كما ذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، وممن قال ذلك: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومالك وأحمد وإسحاق، وقال الشافعي وأصحابه وآخرون: يستحب صوم التاسع والعاشر؛ لأن النبي ÷ صام العاشر ونوى صيام التاسع.

وقد اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء سنَّة، ليس بواجب، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام، حين شرع صومه قبل صوم رمضان، فعن عائشة قالت: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ÷ يصومه في الجاهلية، فلما قدم الرسول المدينة صامه و أمر بصيامه، فلما فُرض رمضان ترك عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه. انظر: منتخب كنز العمال (٣/ ٥٢٧ - ٥٢٩).

(٢) في (جـ): إذ كان الناس تصومه.

(٣) الحديث أخرجه مسلم بشرح النووي (٨/ ٧ - ٨)، والطبراني في الكبير (١٠/ ١٠٣٦٩) (١٠٣٨٥)، وأحمد في المسند (٤٠٢٤، ٤٣٤٩)، والبخاري (ح/٤٥٠٣)، ومسلم (١١٢٧)، وأبو يعلى (٥/ح/٥١٥٣)، والبزار (١/ ٢٩٤)، والنسائي في تفسيره (١/ ٢١٥، ٢١٦) عن عائشة، والطبراني في الكبير (١٠/ ٩٩٨٩).

(٤) هو: قيس بن سعد بن عبادة بن دُلَيم بن حارثة بن أبي خزيمة، سيد الخزرج وابن سيدهم، أبو ثابت الأنصاري الخزرجي الساعدي، صاحب رسول الله ÷ وابن صاحبه - له عدة أحاديث - كان صاحب لواء النبي في بعض مغازيه، وكان بمصر والياً عليها لأمير المؤمنين علي # وذلك سنة ست للهجرة، وعزله عنها سنة سبع للهجرة، ولما قتل الإمام علي #، رجع قيس إلى وطنه. وقد توفي قيس في آخر حكم معاوية. انظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ١٠٢)، أسد الغابة (٤/ ٢١٥ - ٢١٦).

(٥) الحديث أخرجه المتقي الهندي في منتخبه (٣/ ٥٢٩) وعزاه لابن جرير ولفظه عن قيس بن سعد قال: كنا نصوم عاشوراء، ونعطي زكاة الفطر قبل أن ينزل علينا صوم رمضان والزكاة، فلما نزل لم نؤمر ولم ننه عنه ونحن نفعل.