[شهادة أهل الذمة]
  [٧٦ ب - ب]، ودسها في بعض أداته(١) وأوصى إليهما؛ فلما مات فتحا متاعه وأخذا بعضه، فلما قدما على أهله فتحوا متاعه فوجدوا وصيته وفقدوا بعض ما فيها فسألوهما عن ذلك، فقالا: هذا ما قبضنا من متاعه، فرفعوهما إلى النبي ÷ فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ}[المائدة: ١٠٦]، فأمرهم رسول الله ÷ أن يستحلفوهما بالله الذي لا إله إلاَّ هو ما قبضنا غير هذا ولا كتمنا، ففعلوا فمضوا ماشاء الله ثم ظهر معهما إناء من فضة منقوش بذهب، فقالوا: هذا من متاع صاحبنا، فقالا: شريناه منه قبل موته، فارتفعوا إلى النبي ÷ فنزلت هذه الآية الأخرى وهي قوله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ}[المائدة: ١٠٧]، فأمر النبي ÷ رجلين من أهل الميت أن يحلفا على ماكتما وغيبا فاستحلفهما(٢) ثم أن تميماً أسلم بعد ذلك فكان يقول: صدق الله وصدق رسوله أنا أخذت الإناء(٣)، واحتجوا أن [١٧ ب - أ] الآية خوطب بها أهل التوحيد جميعاً فكيف تكون لبعض دون بعض؟ واحتجوا أيضاً بإجماع المسلمين على أن الشهود لا يمين عليهم، وأنه لا يحبس شاهد حتى يُستحلف من بعد صلاة العصر وأكثروا الحجج والتخليط في هذا القول، وأجازوا شهادة كل ذمي على المسلمين بما أصلوه من حججهم هذه، وقال آخرون: إن الآية كانت كذلك في أهل الذمة ثم نسخت، واحتجوا أيضاً بحجج كثيرة. [٧٧ أ - ب]
  قال عبد الله بن الحسين ª: فالقول عندنا وعند من قال بقولنا أن
(١) أي: ملابسه وحاجاته التي صحبها معه أثناء السفر.
(٢) الخبر أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص (١٥٨ - ١٥٩)، والسيوطي في لباب النقول ص (١١٤)، الخازن في تفسيره (٢/ ٨٦)، ابن الجوزي في زاد المسير (٢/ ٤٤٤ - وما بعدها)، والطبري في جامع البيان (٥/ ١١٥ - ١١٧).
(٣) انظر: جامع البيان (٥/ ١١٦).