[حكم الأموال في أيدي الظلمة]
  ينتفي اليقين ضرورة؛ لأن اليقين وما يقابله من الشك، أو الظن أو الجهل نقيضان لا يجتمعان، فهذه حجة واضحة على أن الشك والظن كل واحد منهما إذا حصل يدفع اليقين إذا توارد على محل واحدٍ لا يمكن ردها إلا بالسفسطة ولا يرد معارضة المتواتر بخبر الواحد؛ لأن خبر الواحد ليس بشك ولا ظن فيدفع(١) اليقين الحاصل بالمتواتر، ولا يحصل به مع التواتر شك ولا(٢) ظن، وذلك معلوم عند كل عاقل.
  وأعجب من ذلك ما يقوله بعضهم إن الظن لا ينقضه الظن، وذلك خلاف المعلوم ضرورة.
  ألا ترى أنه يحصل لك عند التباس القبلة ظن بها في جهة من الجهات ثم يطرأ عليك ظن آخر ينقضه أنها في الجهة الأخرى وأن ذلك واقع كثيراً، وقد نص العلماء على ذلك، وكذلك المجتهدون المعتبرون في اجتهادهم حصول الظن فقط يتغير اجتهادهم وينقض الظن فيه الظن، فينتقل الواحد منهم عن القول بالشيء إلى القول بخلافه، وينقض الشك فيه الظن أيضاً فينتقل من القول بالشيء إلى التوقف فيه أو العكس، فنعوذ بالله من جحد الضروريات(٣)، ونسأله التوفيق والسداد.
  وإذا علم التباس الحلال بالحرام كان الملتبس بالحرام حراماً لانتفاء العلم بحله، وقد قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦] وقال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: ٢٨]، فما ظنك فيمن يتبع المشكوك في حله [وقد](٤) قال تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ
(١) في (ب): فيندفع.
(٢) في (ب): شك وظن.
(٣) في (ب): الضرورات.
(٤) سقط من (ب).