[حكم الهبة بجميع الأموال أو التصدق بها]
  والجواب والله الموفق: أن ذلك لا يصح إذا كان يؤدّي إلى حاجته إلى الناس؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}[الإسراء: ٢٩]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان: ٦٧]، وقد أمر الله بالاقتداء بهم؛ لأنهم من الأنبياء، وآبائهم، وإخوانهم، وذرياتهم وقد قال تعالى فيهم: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام: ٩٠]، ولقوله صلى الله عليه وآله: [«كفى بالمرأ إثماً أن يضيع من يعول أو يكون عيالاً على المؤمنين»(١) رواه أبو طالب # في (الأمالي)، فقال صلى الله عليه وآله](٢): «أو يكون عيالاً على المؤمنين»، ونحو ذلك كخبر بيضة الذهب، وفي (مجموع زيد بن علي) @ عن علي #: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول، أو يكون عيالاً على الناس»(٣)، [فأما إذا كان](٤) ما عند الله أوثق منه بما في يده ولم يحمله ذلك على(٥) الحاجة إلى أحد من الناس، فإنه لا بأس به إذا كان فيه قربة لقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ على أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: ٩]، وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ على حُبِّهِ} أي حب الطعام والحاجة إليه {مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}[الإنسان: ٨].
  والقصة في ذلك مع أهل البيت $(٦) مشهورة، وكانت الحاجة منهم $ إلى ما تصدقوا به مما عرفها الخاص والعام حسبما جاء في الروايات، ولقوله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ
(١) أمالي أبي طالب ص ٤٢٧، طبعة مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية.
(٢) ما بين المعكوفين: سقط من (ب).
(٣) المجموع الحديثي والفقهي للإمام زيد بن علي # ص ١٤٢.
(٤) عبارة ما بين المعكوفين في (ب): فإذا كان.
(٥) في (ب): إلى.
(٦) في (ب): مع أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله.