مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم الهبة بجميع الأموال أو التصدق بها]

صفحة 130 - الجزء 1

  والجواب والله الموفق: أن ذلك لا يصح إذا كان يؤدّي إلى حاجته إلى الناس؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}⁣[الإسراء: ٢٩]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}⁣[الفرقان: ٦٧]، وقد أمر الله بالاقتداء بهم؛ لأنهم من الأنبياء، وآبائهم، وإخوانهم، وذرياتهم وقد قال تعالى فيهم: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}⁣[الأنعام: ٩٠]، ولقوله صلى الله عليه وآله: [«كفى بالمرأ إثماً أن يضيع من يعول أو يكون عيالاً على المؤمنين»⁣(⁣١) رواه أبو طالب # في (الأمالي)، فقال صلى الله عليه وآله]⁣(⁣٢): «أو يكون عيالاً على المؤمنين»، ونحو ذلك كخبر بيضة الذهب، وفي (مجموع زيد بن علي) @ عن علي #: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول، أو يكون عيالاً على الناس»⁣(⁣٣)، [فأما إذا كان]⁣(⁣٤) ما عند الله أوثق منه بما في يده ولم يحمله ذلك على⁣(⁣٥) الحاجة إلى أحد من الناس، فإنه لا بأس به إذا كان فيه قربة لقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ على أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}⁣[الحشر: ٩]، وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ على حُبِّهِ} أي حب الطعام والحاجة إليه {مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}⁣[الإنسان: ٨].

  والقصة في ذلك مع أهل البيت $(⁣٦) مشهورة، وكانت الحاجة منهم $ إلى ما تصدقوا به مما عرفها الخاص والعام حسبما جاء في الروايات، ولقوله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ


(١) أمالي أبي طالب ص ٤٢٧، طبعة مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية.

(٢) ما بين المعكوفين: سقط من (ب).

(٣) المجموع الحديثي والفقهي للإمام زيد بن علي # ص ١٤٢.

(٤) عبارة ما بين المعكوفين في (ب): فإذا كان.

(٥) في (ب): إلى.

(٦) في (ب): مع أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله.