مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم من قبض جميع ماله وفيه الزكاة]

صفحة 159 - الجزء 1

  والبقرة من البقر»⁣(⁣١) ونحوه، ولا يضمن لرب المال شيئاً لقوله تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا}⁣[النساء: ٥٨]، وليس أهلها بعد منع رب المال لها، أو جعله لها في غير مستحقها إلا مصرفها بلا إشكال، فقد صار بعد إخراجه⁣(⁣٢) لها من المحسنين لامتثال رب العالمين، وهو يقول: {مَا على الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}⁣[التوبة: ٩١].

  فإن قيل: فهل يبرئ المالك بذلك؟

  فالجواب والله الموفق: أنه يبرئ بذلك وفاقاً لأحمد بن عيسى، وللقائلين بأن من كان من أهل الصلاح فله استيفاء الحقوق في غير وقت الإمام كالأمير الحسين #، وخلافاً لكثير من العلماء.

  والحجة لنا عليهم: أن الزكاة قد تعينت في المال بدليل ما مر، وكان لمالكه تعيينها حيث كان أميناً، فلما ظهرت خيانته بالمنع أو جعلها في غير مستحقها لم يبق أميناً عليها فلم يكن إليه تعيينها بعد ذلك بإجماع العترة $، على فعل مصدق الإمام مع الممتنع من تسليمها، فلما لم يكن إليه أن يعينها بعد ذلك فقد تعينت في المال المقبوض، وكان القابض له قد قبضها من جملته فوجب عليه إخراجها إلى مصرفها، لقوله تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا}⁣[النساء: ٥٨].

  فإن قيل: إن إخراجها يفتقر إلى النية.

  قلت وبالله التوفيق: ليس لمالك المال إلا تعيينها فقط؛ لأن الله سبحانه وتعالى⁣(⁣٣) قد أوجبها فيه فهي مع أصل المال المزكى كالمال المشترك بغير فرق


(١) الحديث عزاه في موسوعة أطراف الحديث النبوي إلى: سنن ابن ماجة برقم (١٨١٤)، وأيضاً إلى السنن الكبرى للبيهقي (٤/ ١٨٢)، وإلى سنن أبي داود برقم (١٥٩٩) وغيرها، انظر: (موسوعة أطراف الحديث النبوي).

(٢) في (ب): فقد صار بإخراجه لها.

(٣) وتعالى: سقط من (أ).