[مسائل في المعاداة]
  فإن قيل: نعم.
  قلنا: المؤمن من جملة المكلفين بذلك، وهو يحب الإيمان لنفسه ويجب عليه أن يحبه لغيره من الفساق، ويكره له كلما يكره لنفسه من فعل المعاصي والإصرار عليها.
  والجواب والله الموفق: أنه يصح أن تفسر المعاداة بذلك كما ذكره الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى # في (البحر)، وقد روى أبو طالب # في (الأمالي) بإسناده إلى النبي ÷ أن معاذ بن جبل سأله عن أفضل الإيمان؟ فقال: «أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله، قال: وما ذاك يا رسول الله؟ فقال(١): أن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكرهه لنفسك»(٢)، ثم لا يرد(٣) ما ذكره السائل إلا على معتبري المنطق، وأما نحن فلا يرد علينا شيء من ذلك؛ لأنا مقتدون بكتاب الله وسنة رسول الله ÷، وسالكون مناهج(٤) العرب حيث جرى خطاب الله سبحانه في كتابه، وخطاب رسوله ÷ في سنته، وخطاب بلغاء العرب في خطبهم وأشعارهم على الاعتماد(٥) على ألفاظ العموم التي يراد بها الخاص كالاعتماد على الألفاظ التي لا تدل إلا على الخاص اكتفاءً بما يدل على التخصيص من القرائن الحالية والمقالية(٦) ونحن نكتفي في إخراج نحو كراهة الكفر للغير وإدخال محبة نحو الإيمان بما علم من الدين ضرورة، وبذلك يعرف بطلان اعتبار المنطق في معرفة الحدود؛ لأن ما ذكرناه معلومٌ بالاستقراء.
(١) في (ب) وفي الأمالي: قال.
(٢) أمالي أبي طالب، باب الترغيب في الحب في الله ص ٤٥٥.
(٣) في (ب): ثم لا ترد ما تؤد، وهو غامض.
(٤) في نسخة: منهاج، هامش في (أ).
(٥) في (ب): وأشعارهم هم الاعتماد ... إلخ.
(٦) في (ب): والمقابلة.