[تحريم الدعاء بالرحمة والإستغفار لأهل الكبائر]
  وأما قوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ}[الشورى: ٥] فالمراد به التائبون، بدليل قوله تعالى حاكياً عن الملائكة À: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ...}[غافر: ٧] الآية.
  وأما أهل الكبائر فإن الملائكة يلعنونهم، واللعن ينافي الاستغفار، وذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ....} إلى قوله: {أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ}[البقرة: ١٥٩]، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٨٦ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ الله وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[آل عمران: ٨٦ - ٨٧] يزيد ذلك تأكيداً قوله تعالى في وصفه للملائكة $: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ٢٦ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ٢٧ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى ...}[الأنبياء: ٢٦ - ٢٨](١) الآية، والدعاء بالرحمة والاستغفار من جملة الشفاعة كما تقرر، والله لا يرتضي أهل(٢) الكبائر بدليل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[المائدة: ٨٧] أي لا يرتضيهم(٣) بدليل أنه لا يصح أن يقول: أحبهم وما ارتضاهم، ولا ارتضاهم وما أحبهم؛ للتناقض، وإنما يرتضي سبحانه عباده المؤمنين بدليل قوله تعالى: {لَيْسَ على الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ...} إلى قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[المائدة: ٩٣].
(١) تمام الآية مثبت في (ب): {وهم من خشيته مشفقون}.
(٢) في (ب): لا يرضى عن أهل الكبائر.
(٣) في (ب): أي لا يرضيهم.