مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[تحريم الدعاء بالرحمة والإستغفار لأهل الكبائر]

صفحة 197 - الجزء 1

  وأما قوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ}⁣[الشورى: ٥] فالمراد به التائبون، بدليل قوله تعالى حاكياً عن الملائكة À: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ...}⁣[غافر: ٧] الآية.

  وأما أهل الكبائر فإن الملائكة يلعنونهم، واللعن ينافي الاستغفار، وذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ....} إلى قوله: {أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ}⁣[البقرة: ١٥٩]، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٨٦ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ الله وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}⁣[آل عمران: ٨٦ - ٨٧] يزيد ذلك تأكيداً قوله تعالى في وصفه للملائكة $: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ٢٦ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ٢٧ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى ...}⁣[الأنبياء: ٢٦ - ٢٨](⁣١) الآية، والدعاء بالرحمة والاستغفار من جملة الشفاعة كما تقرر، والله لا يرتضي أهل⁣(⁣٢) الكبائر بدليل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}⁣[المائدة: ٨٧] أي لا يرتضيهم⁣(⁣٣) بدليل أنه لا يصح أن يقول: أحبهم وما ارتضاهم، ولا ارتضاهم وما أحبهم؛ للتناقض، وإنما يرتضي سبحانه عباده المؤمنين بدليل قوله تعالى: {لَيْسَ على الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ...} إلى قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}⁣[المائدة: ٩٣].


(١) تمام الآية مثبت في (ب): {وهم من خشيته مشفقون}.

(٢) في (ب): لا يرضى عن أهل الكبائر.

(٣) في (ب): أي لا يرضيهم.