[تحريم الدعاء بالرحمة والإستغفار لأهل الكبائر]
[تحريم الدعاء بالرحمة والإستغفار لأهل الكبائر]
  وقال السائل: لِمَ لا يجوز الدعاء بالرحمة والاستغفار لأهل الكبائر وقد قال تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ}[الشورى: ٥]؟
  والجواب والله الموفق: أن ذلك لا يجوز لقوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ الله وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا}[النساء: ١٢٣]، وقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ}[غافر: ١٨] أي يقبل كقوله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنعام: ١١٦] أي: إن تقبل، فلو كان ذلك جائزاً لكان الداعون لهم بالرحمة والمستغفرون أولياء وأنصاراً بذلك وشفعاء؛ لأن الشفاعة ليست إلا طلب الشيء للغير كطلب الرحمة لهم والمغفرة، ولقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}[التوبة: ١١٣] وذلك نص صريح في تحريم الاستغفار للمشركين معلَّل أنهم من أصحاب الجحيم، والفساق مشاركون لهم في العلة؛ لأنهم من أصحاب الجحيم بالدلائل القطعية(١) نحو ما مر الآن فثبت تحريم الاستغفار لهم لمشاركتهم للكفار فيما علق تحريم الاستغفار به، ولقوله تعالى: {فَإِنَّ الله لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}[التوبة: ٩٦] وإذا كان لا يرضى عنهم فلا يجوز الدعاء لهم بالرحمة؛ لأن الله نهى نوحاً # عن الدعاء لولده الذي تخلف عنه فقال: {فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[هود: ٤٦]، وقد أمر الله أن يقتدى بالأنبياء $ كما مر تحقيقه.
(١) في (ب): القاطعة.