مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[تحريم الدعاء بالرحمة والإستغفار لأهل الكبائر]

صفحة 196 - الجزء 1

[تحريم الدعاء بالرحمة والإستغفار لأهل الكبائر]

  وقال السائل: لِمَ لا يجوز الدعاء بالرحمة والاستغفار لأهل الكبائر وقد قال تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ}⁣[الشورى: ٥]؟

  والجواب والله الموفق: أن ذلك لا يجوز لقوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ الله وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا}⁣[النساء: ١٢٣]، وقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ}⁣[غافر: ١٨] أي يقبل كقوله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[الأنعام: ١١٦] أي: إن تقبل، فلو كان ذلك جائزاً لكان الداعون لهم بالرحمة والمستغفرون أولياء وأنصاراً بذلك وشفعاء؛ لأن الشفاعة ليست إلا طلب الشيء للغير كطلب الرحمة لهم والمغفرة، ولقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}⁣[التوبة: ١١٣] وذلك نص صريح في تحريم الاستغفار للمشركين معلَّل أنهم من أصحاب الجحيم، والفساق مشاركون لهم في العلة؛ لأنهم من أصحاب الجحيم بالدلائل القطعية⁣(⁣١) نحو ما مر الآن فثبت تحريم الاستغفار لهم لمشاركتهم للكفار فيما علق تحريم الاستغفار به، ولقوله تعالى: {فَإِنَّ الله لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}⁣[التوبة: ٩٦] وإذا كان لا يرضى عنهم فلا يجوز الدعاء لهم بالرحمة؛ لأن الله نهى نوحاً # عن الدعاء لولده الذي تخلف عنه فقال: {فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}⁣[هود: ٤٦]، وقد أمر الله أن يقتدى بالأنبياء $ كما مر تحقيقه.


(١) في (ب): القاطعة.