مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[تفسير قوله تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ...]

صفحة 199 - الجزء 1

  الْخِزْيُ الْعَظِيمُ}⁣[التوبة: ٦٣].

  وروي في باب نواقض الوضوء من (الشفاء) عنه ÷ أنه قال: «لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار»⁣(⁣١) ولا مخصص لذلك إلا ما ذكرناه آنفاً، وإلا ما وقع خطأ بدليل قوله تعالى مرشداً لعباده: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أَخْطَأْنَا ...}⁣[البقرة: ٢٨٦] الآية، أو إكراهاً بدليل قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}⁣[النحل: ١٠٦] وقوله صلى الله عليه وآله: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»⁣(⁣٢).

[تفسير قوله تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ...]

  فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ...}⁣[النساء: ٣١] الآية؟

  قلت وبالله التوفيق: معنى ذلك: أنه تعالى يغفر ما وقع بعد ذلك هفوة؛ لأنه ليس محادة لله ورسوله، ولا يغفر ذلك لأهل الكبائر؛ لأنهم قد حادوا الله ورسوله ÷ فلم يكونوا من المتقين، والله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ}⁣[المائدة: ٢٧] حتى يقبل توبتهم مما وقع هفوةً كالمؤمنين، ومن فعل


(١) الحديث بلفظ: «لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار» عزاه في موسوعة أطراف الحديث إلى: إتحاف السادة المتقين (٨: ٥٧)، وعزاه أيضاً إلى كشف الخفاء (٢: ٥٠٨)، وعزاه أيضاً إلى الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي الحلبي، انظر: (موسوعة أطراف الحديث ٧/ ٢٥٦).

(٢) الحديث عزاه في موسوعة أطراف الحديث إلى تلخيص الحبير (١: ٢٨١)، وعزاه أيضاً إلى كنز العمال برقم (١٠٣٠٧) وغيرهما، انظر: (موسوعة أطراف الحديث ٥/ ١٤٦).