مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[تفسير قوله تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ...]

صفحة 200 - الجزء 1

  ذلك من المؤمنين ولم يتب ولم يعلم تعمده ولا خطاؤه وجب الوقف⁣(⁣١) لأنه إن قيل: الأصل الإيمان فقد عارضه بكون الأصل في أفعال المكلفين العمد بدليل أنه من قتل قتيلاً وادعى الخطأ لم يقبل قوله بإجماع العترة $.

  وقد قيل: إن المعصية من أهل السوابق صغيرة ولو كانت عمداً.

  واحتجوا على ذلك بأن قالوا: المعصية مع السوابق تصير بجنبها صغائر، وذلك باطل لكونه احتجاجاً بمحل⁣(⁣٢) النزاع؛ لأنا نقول: إن السوابق لم⁣(⁣٣) تصير المعاصي معها صغائر، لأن الأدلة لم تفصل؛ ولأن الله يقول في أهل السوابق العظام كنبيه محمد ÷ وهو من أهل السوابق العظام: {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً ٧٤ إِذًا لاََذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}⁣[الإسراء: ٧٤ - ٧٥]، ويقول تعالى: {قُلْ إِنّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}⁣[الزمر: ١٣]، ويقول تعالى في أهل السوابق من أصحاب رسول الله ÷ الذين صبروا في المواطن⁣(⁣٤) وواسوه بالأنفس والأموال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ}⁣[الحجرات: ٢].

  فإن قيل: إنا نجد الفرق بين من قدم الإحسان إليك ثم أساء وبين من يسيء من غير إحسان.

  قلت وبالله التوفيق: القياس على ذلك باطل؛ لأن أصحاب السوابق وغيرهم عباد مملوكون لمالك منعم فسوابقهم لم تكن إلا في مقابلة بعض النعم؛ لأن ما فعلوه محصى، ونعم الله سبحانه لا تحصى قال تعالى: {وَإِنْ


(١) في (ب): الوقوف.

(٢) في (ب): لمحل.

(٣) في (ب): لا.

(٤) في المواطن: سقط من (ب).