[مسائل في تفسير بر الوالدين وعقوقهما]
  منه وتفضلاً عليهما ورحمة لهما، ألا ترى أنه تعالى أمر بذلك في كتابه وعلى لسان رسوله كما تقدم ذكره! مثل ما أمر بالسجود لآدم وأوجب فعل المعروف إليهما ولو كانا كافرين، فقال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ على أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}[لقمان: ١٥]، فأنى لك! أنه لا شيء يشار إليه فيما ذكرناه سوى ما أوجب الله للمؤمنين مع ذلك، ومع ما أوجب الله لذي الرحم على رحمه مما لا يختلف فيه علماء الإسلام، وهما أحق ذوي الأرحام كما تقرر؛ ولقوله ÷ للذي سأله فقال: يا رسول الله، من أحق الناس مني بحسن الصحبة وبالبر؟ قال: «أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أبوك، قال: ثم من؟ قال: أقاربك أدناك أدناك»(١) ولا ينعكس الحكم حيث يكون الولد أكثر إنعاماً على والديه(٢) منهما عليه أو لم يكن منهما فعل معروف له سوى الولادة لما تقدم، وللإجماع(٣) على ذلك، وللقواعد الشرعية(٤) لقوله ÷: «ليس منا من لم يوقر الكبير ..»(٥) الخبر، ومن تقديم الأكبر سناً في الإمامة الكبرى والصغرى [إذا استووا في الصلاح](٦) لذلك كما هو مقرر في مواضعه.
(١) أخرجه الإمام زيد بن علي في مجموعه ص ٢٧٣ كتاب السير، وأخرجه الإمام المرشد بالله في أماليه الشهيرة: بالأمالي الخميسية (٢/ ١١٧).
(٢) في (أ): والدته، وهو تصحيف.
(٣) في (ب): والإجماع.
(٤). في (ب): الشريعة.
(٥) أخرجه الترمذي في جامعه (٤/ ٣٢٢)، وابن حبان في صحيحه، والطبراني (١١/ ١٠٨٣)، وأحمد في مسنده (١/ ٢٥٧)، (٢/ ٢٠٧).
(٦) عبارة ما بين المعكوفين لفظها في (ب): إذا استووا على في الصلاح، وفيها غموض.