مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم أخذ الولد من مال أبيه]

صفحة 219 - الجزء 1

  والجواب والله الموفق: أن الغريم إذا كان معترفاً بالدين وتمرد ولا حاكم، وكان الدين مثلياً جاز لصاحب الدين أن يأخذ من حق الغريم مثله جنساً وقدراً وصفة بشرط الأمان من إثارة الفتنة بينهما؛ لأن المعلوم من الدين ضرورة أن ذلك هو اللازم في مال الغريم لصاحب الدّين، وقد قال تعالى: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ٤١ إِنَّمَا السَّبِيلُ على الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}⁣[الشورى: ٤١ - ٤٢]، ولأنه داخل تحت قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ...}⁣[النحل: ١٢٦] الآية.

  وأما إذا كان الأمر على خلاف ذلك فلا يجوز.

  أما إذا كان الغريم منكراً فيه⁣(⁣١) فقد قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى الله وَالرَّسُولِ}⁣[النساء: ٥٩]، والرد إلى الله هو إلى كتابه، والرد إلى رسوله هو إلى سنته الجامعة غير المفرقة، ولا يظهر في ذلك اختلاف بين آبائنا $، وقد وقع النزاع بإنكار الغريم فوجب عليهما الرجوع إلى ما في كتاب الله وسنة رسول الله ÷(⁣٢)، فإن لم يهتديا إليه ولم⁣(⁣٣) يتفقا عليه وجب الرجوع إلى ما أثبت الله تعالى في كتابه، ورسوله في سنته صلى الله عليه وآله من التحاكم إلى العدل الذي يحكم بما أنزل الله، وهو القسط حيث قال تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}⁣[النساء: ٥٨] وحيث قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ...}⁣[المائدة: ٤٩] الآية، وحيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «القضاة ثلاثة ...»⁣(⁣٤) الخبر، ونحوه.


(١) فيه: زيادة في (ب).

(٢) في (أ): وسنة رسوله.

(٣) في (ب): ولا.

(٤) الحديث: «القضاة ثلاثة، واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق وقضى به، ورجل عرف الحق وجار في النار، ورجل قضى للناس على جهل في النار»، أخرجه أبو داود في سننه برقم (٣٥٧٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١١٦، ١١٧)، والطبراني في الكبير (٢/ برقم ١١٥٤) وغيرهم. (مطمح الآمال ص ٦٩).