[حكم أخذ الدين من مال الغريم إن أمكن]
  وأما إذا لم يتمرد فإن له(١) حق القضاء إجماعاً، ألا ترى أنه لا يظهر اختلاف أن الحاكم لا يقضي الغرماء شيئاً من مال الغريم إلا إذا تمرد! وإذا كان له حق القضاء فإسقاط حق الغير ظلم كسائر الحقوق الثابتة من نحو ولاية النكاح.
  وأما إذا كان الحاكم موجوداً فلأن حق القضاء قد انتقل إلى الحاكم بلا خلاف أعلمه بين الأمة، وإسقاط حق الحاكم ظلم كما ذكرناه الآن.
  وأما إذا كان المأخوذ [في الدين](٢) قيمياً فلا يخلو إما أن يأخذه عن دين مثلي أو عن دينٍ قيمي كالمهر إذا جعل عبداً في الذمة مثلاً.
  إن كان الأول: وهو أن يأخذه عن دين مثلي فذلك بيع إجماعاً، وقد قال تعالى: {إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٩]، والتراضي مع الاستقلال بالأخذ مفقود؛ ولأنه لا يلزم الغريم في ماله إلا مثل الدين المثلي بدليل أنه إذا امتنع صاحب الدين من أخذ شيء غير ذلك كان له ذلك لقوله تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}[النحل: ٩٠]، وليس من العدل أن يكلف على(٣) أن يأخذ غير دينه الذي يستحقه على أنه لا يظهر في ذلك بين المسلمين اختلاف.
  وإن كان الثاني: وهو أن يأخذه(٤) عن دينٍ قيمي كالمهر فإن أخذ من غير جنس المسمى فالكلام فيه كالأول، وإن أخذ من جنسه أدى إلى التنازع والشجار وذلك من الفتنة.
  وأما إذا كان الأخذ يؤدي إلى إثارة الفتنة بينهما فلما في ذلك من نقض
(١) في (ب): فلأن له.
(٢) ما بين المعكوفين: سقط من (ب).
(٣) على: سقط من (ب).
(٤) في (ب): أن يأخذ.