[وقوع الاختلاف بين المجتهدين وليس كل مجتهد مصيب مع الأدلة]
  من أم الفراخ بفراخها»(١) الخبر أو كما قال، وجميع ذلك من خطاب التكميل.
  وقالوا: لا يمتنع أن يريد الله من كل مجتهد ما فهمه؛ لأن الشرائع مصالح وهي تختلف باختلاف الناس، ولا حكم فيها معيّن وإنما مراد الله تابع لمراد المجتهد!
  والجواب والله الموفق: أن هذا كله مجرد(٢) كلام بلا(٣) دليل فكيف يصح الاعتماد عليه في تخصيص محكم التنزيل! وقالوا: لا يخلو إما أن يريد الله سبحانه من كل ما أداه إليه نظرة، أو يريده من بعض دون بعض:
  أولا: يريد ذلك من كلهم الثالث باطل؛ لأنه خلاف الإجماع.
  والثاني: باطل أيضاً؛ لأنه محاباة ومن وصف الله بها كفر، فثبت الأول؟
  والجواب والله الموفق ما قدمناه من أن(٤) الأدلة تقضي أن الحق واحد وأن الله يريد من كل اصابته، فمن أصابه فقد طابق مراده، ومن أخطأه لم يطابق مراده تعالى، وهذا خارج من ذلك التقسيم؛ لأنه مع ذلك لم يرد من كل ما فهمه وإنما طابق مراده المصيب ولم يكن محاباة؛ لأنه قد أراد من الجميع إصابته ولم يرد من كلهم عدم إصابته، وإنما أراد العكس لما تقدم من الأدلة نحو قوله تعالى: {وَلاَ تَفَرَّقُوا}[آل عمران: ١٠٣].
  وقال السائل: لادليل قاطع أن فلاناً مصيب ولا(٥) فلاناً مخطئ!
(١) الحديث بلفظ: «فوالذي بعثني بالحق لله ø أرحم على عباده من أم الفراخ لفراخها»، أخرجه من حديث طويل الإمام أبو طالب # في أماليه ص ٥٧١ الباب (٥٨) برقم (٨٠٣) بسنده عن عامر الرامي.
(٢) في (ب): تجرد.
(٣) في (أ): لا.
(٤) أن: سقط من (ب).
(٥) في (أ): وفلاناً مخطئ.