مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[وقوع الاختلاف بين المجتهدين وليس كل مجتهد مصيب مع الأدلة]

صفحة 249 - الجزء 1

  وعن عقبة بن عامر⁣(⁣١) عنه ÷: «اقض بينهما - يعني خصمين - فإن أصبت فلك عشر حسنات، وإن أخطأت فلك حسنة واحدة»⁣(⁣٢).

  والجواب والله الموفق: أن هذين الخبرين حجة لنا؛ لأن فيهما تصريح بالتخطئة، وأما الأجر والحسنة مع الخطأ فثواب من الله سبحانه على نية العمل بالحق لا على الحكم بالخطأ إذ هو ذنب معفو عنه بدليل قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}⁣[الأحزاب: ٥].

  قالوا: وروي عنه ÷ أنه قال: «اختلاف أمتي رحمة»⁣(⁣٣).

  والجواب والله الموفق: أنه لادلالة في ذلك على الصواب لو صح؛ لأنه من جملة البلوى وكل بلوى رحمة للمؤمنين، بدليل قوله تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ الله الَّذِينَ آمَنُوا ...}⁣[آل عمران: ١٤١] الآية، ونحوها مع قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}⁣[الأحزاب: ٤٣] وقوله ÷: «إذا صافى الله عبداً صبَّ عليه البلاء صبًّا»⁣(⁣٤) الخبر، أو كما قال مع قوله ÷: «إنَّ الله بالمؤمنين أرحم


(١) هو عقبة بن عامر بن عيسى الجهني، أمير من الصحابة، شهد صفين مع معاوية، توفي سنة ٨٥ هـ. (معجم رجال الاعتبار ص ٢٩٣).

(٢) قال العلامة أحمد بن يوسف زبارة في أنوار التمام ٥/ ٣٩ ما لفظه: قال في الجامع الكافي: قال محمد: بلغنا أن النبي ÷ أمر رجلاً أن يقضي بين اثنين، فقال: أنت أولى بذلك مني يا رسول الله، فقال: «وإن كان»، فقال: يا رسول الله: على ما أقضي بينهما، فقال: «إنك إن قضيت بينهما فأصبت القضاء كان لك عشر حسنات، وإن قضيت فاجتهدت فأخطأت فلك حسنة».

(٣) الحديث عزاه في موسوعة أطراف الحديث إلى المغني عن حمل الأسفار للعراقي (١: ٢٨)، وعزاه أيضاً إلى إتحاف السادة المتقين (١: ٢٠٤، ٢٠٥) وعزاه أيضاً إلى كنز العمال برقم (٢٨٦٨٦).

(٤) الحديث بلفظ: «إذا أراد الله أن يصافي عبداً من عبيده صبَّ عليه البلاء صبًّا»، أخرجه من حديث طويل الإمام الأعظم زيد بن علي @ في مجموعه ص ٢٧٦ برقم (٦٧١) بسنده عن أبيه، عن جده، عن علي #، قال: قال رسول الله ÷، فذكر الخبر بطوله، وأخرجه بلفظ الإمام زيد الإمام أبو طالب # في أماليه ص ٥٧٣ برقم (٨٠٧) بسنده عن علي #، ورواه بلفظ أبي طالب القرشي | في مسند شمس الأخبار ٢/ ٣١١ الباب (١٧٤) وانظر تخريجه فيه.