[إجماع أهل البيت على أن الحق واحد]
  ذكرت هذا عن تحقيق بعد فحص وتدقيق، ولم يقل بأن(١) كل مجتهد مصيب إلا جماعة من المتأخرين معدودين محصورين كما هو مقرر في بسايط كتب أصحابنا.
  وأما تجويز التخطئة مع إجماعهم فمنتفية عن البعض والكل؛ لما تقدم من الأدلة، فلا يكون ما ذكره السائل قدحاً في إجماعهم وذلك واضح.
  وأما مع اختلافهم فنحن نقطع بخطأ بعضهم دون بعض لما تقدم من الأدلة على أن الحق واحد، فإن عرضنا الأقوال على كتاب الله، وسنة رسول الله ÷(٢) كما تقدم الوجه في وجوب ذلك تعين الخطأ في قول من خالفهما وإلا كان المخطئ والمصيب غير معينين فلا تحكم، ولا يجوز مع الاختلاف خروج الحق من(٣) أيديهم كلهم؛ لما تقدم من الأدلة ووجوب التمسك بهم الدالة على ذلك بالمطابقة والتضمن والالتزام، ونحو ذلك مما لم نذكره(٤) مما يدل على ذلك كذلك.
  وقال السائل: قد ثبت معاوضة دليل القائلين بأن الحق واحد نحو قوله تعالى: {وَلاَ تَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى: ١٣] بقوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}[الأنبياء: ٧٩]، وقوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً على أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ الله وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}[الحشر: ٥]، وقوله ÷ لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن قاضياً، قال: «بم تحكم» قال: بكتاب الله، قال: «فإن لم تجد»، قال: بسنة رسول الله، قال: «فإن لم تجد»، قال: اجتهد رأيي لا آلو احتياطاً، فقال رسول الله ÷: «الحمد لله الذي وفق رسول رسوله»(٥).
(١) في (ب): إن.
(٢) في (أ): وسنة رسوله.
(٣) في (ب): عن أيديهم.
(٤) في (ب): لا نذكره.
(٥) أخرجه أحمد في مسنده في كتاب مسند الأنصار برقم (٢١٠٠٠) وبرقم (٢١٠٤٩)، والترمذي في سننه برقم (١٢٤٩) كتاب الأحكام، وأبو داود في سننه برقم (٣١١٩) في كتاب الأقضية. وهو بألفاظ مقاربة.