مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[سبب نزول الآية {ما قطعتم من لينة أو تركتموها ...}]

صفحة 257 - الجزء 1

  التخيير ولا يسوغ مثل ذلك في المسائل المختلف فيها بالإجماع المعلوم! وإلا فقد ذكر بعض المفسرين أن سبب نزولها أن النبي ÷ أمرهم بالقطع، فقال بعض أصحابه: كيف نفعل ذلك وقد نهى الله عن الفساد في الأرض؟ فنزلت، وذلك يبطل ما ذكر من خلافه بالمعارضة إن لم يكن راجحاً.

  وأما خبر معاذ فلايدل على تصويب المجتهدين مع الاختلاف أيضاً؛ لأن النبي ÷ إنما حمد الله على توفيق الله لمعاذ إلى طرق الأحكام، وسياق الخبر شاهد بذلك؛ ولأن دعوى كون معاذ لا يخطئ في اجتهاداته باطلة؛ لأنه لايصح أن يكون أرفع حالاً من النبي ÷، وقد صح جواز الخطأ عليه في اجتهاداته كما تقدم بيانه، فكيف يكون مصيباً على الإطلاق؟ وإن سلم فلا يصح قياس سائر المجتهدين عليه؛ لأنهم لم يكونوا رسلاً لرسول الله⁣(⁣١) ÷، والنبي إنما قال: «الحمد لله الذي وفق رسول رسوله».

  وأما ما روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»⁣(⁣٢)، إن صح فلايدل على تصويب المجتهدين مع الاختلاف من حيث أن اللفظ لا⁣(⁣٣) يدل على ذلك لا بالمنطوق ولا بالمفهوم لاسيما مع ما كثر من أخبار النفاق، والإجلاء عن الحوض حتى لا يبقى من أصحابه ÷ كما زعموا إلا مثل همل النعم كما تقدم بيانه، ومعنى الاتفاق على صحة قوله صلى الله عليه وآله: «مثل أهل بيتي فيكم كسفينة


(١) في (أ): لرسوله.

(٢) أورده الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة وقال: موضوع. رواه ابن عبد البر في جامع العلم، وابن حزم في الأحكام، وقال ابن عبد البر: هذا إسناد لا تقوم به حجة، وقال ابن حزم: هذه رواية ساقطة.

(٣) في (ب): لم.