[وجوب متابعة العوام للأئمة الهادين]
  يأمرونهم بذلك ويحرضونهم عليه فيكون ذلك كالإجماع منهم على أن الإختبار(١) إنما هو للمجتهدين من الأئمة دون سائر العامة!
  والجواب والله الموفق: أن العوام قد كانوا يتابعون(٢) أئمة الجور أكثر من متابعتهم لأئمة الهدى كما ذلك ظاهر معلوم، وأئمة الهدى ينكرون على العوام في متابعة(٣) من لم يعرف(٤) بالكمال في شروط الإمامة، ومصنفاتهم ناطقة بذلك.
  ومن الحجة علىذلك قوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}[الإسراء: ٣٦]، وقوله ÷: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(٥)، وقول علي #: (الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق)(٦).
  وأما عدم إنكار الأئمة $ على من تابع من اشتهر فضله وكماله على الناس فلم يرد على محل النزاع؛ لأن الشهرة كافية للعالم والعامي كما تقدم بيانه.
  فإن قيل: إن الشهرة لاتفيد إلا الظن لعدم الاطلاع على حقيقة الأمر، وما انطوت عليه القلوب من قصد الآخرة بالقيام بالإمامة أو الدين؟
(١) في (ب): الاختيار.
(٢) في (ب): يبايعون.
(٣) في (ب): مبايعة.
(٤) في (ب): من لا يعرف.
(٥) سبق تخريج الحديث.
(٦) نهج البلاغة (٤/ ٣٦).