[حكم العامي المقلد المتخبط بين الأقوال]
  ومما يقضي فساد ذلك التخريج ما ذكره عقيب كلامه الذي خرجوا منه في (الأحكام) فإنه قال ما لفظه: (يقر من أحكامهم(١) ويثبت ما كان حقاً ويدفع ما كان باطلاً، وإنما أثبتنا ما كان موافقاً للحق؛ لأنه حق وما كان حق فهو حكم الله لاحكم الحاكم به)(٢). انتهى كلامه # فانظر كيف نفى حكم حكامهم، وإنما جعل ذلك من حكم الله تعالى، فكيف يقال: إن مذهبه يقضي بجواز تولية القضاءٍ من جهة الظالمين مع ذلك؟!
  وأما ماذكره # في (المنتخب) من جعل بعض السلاطين أمر الصغار إلى بعض الكبار فليس فيه تصريح ولا تلويح بأن المراد بالسلاطين فيما ذكره من ذلك سلاطين الجور؛ لأن السلطان قد يطلق على إمام الحق وعلى المتولي من جهة إمام الحق، ولا خلاف في ذلك وإن سلم أنه عني بذلك(٣) سلاطين الجور فإنه ليس ذلك بتقرير(٤) لما فعل، وإنما الحاكم بذلك الله سبحانه؛ لأنه إذا عدم الإمام والحاكم المحق جاز للكبير تولية أمر(٥) الصغيرمن جهة الصلاحية لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَهُمْ ...}[البقرة: ٢٢٠] الآية، فكان منه ذلك # تقريراً لحكم الله(٦) لا لتولية الظالمين.
(١) في الأحكام: حكمهم.
(٢) الأحكام (٢/ ٤٩٧).
(٣) في (ب): أعني به.
(٤) في (ب): تقرير.
(٥) في (ب): أن يتولى.
(٦) في (ب): بحكم الله.