[تفنيد شبهة القائلين بجواز ذلك]
  بهذا أولى؛ لأنه من قياس بعض أحكام التكليف على بعض.
  هذا إن زعموا أن تسليم الأموال إليهم ليس من نفس التمكين من المعصية، وإلا فهو من صميمه لا ينكره إلا ألدّ(١) مكابر؛ لأن إنفاق المال في المعاصي معصية إجماعاً، وهؤلاء قد مكّنوهم من ذلك.
[تفنيد شبهة القائلين بجواز ذلك]
  وأما قولهم: لا يسمى مجرد التمكين من غير قصد معاونة فباطل أيضاً؛ لأنه خلاف المعلوم من لغة العرب، ألا ترى أنهم لايشترطون في تسمية الأفعال أن تكون مقصودة! وإنما يقولون: تحرَّك النائم، وجرى المآء، وهبّت الريح وهي لا قصد لها! والكتاب والسنة إنما جريا على لغة العرب.
(من القرآن)
  قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[إبراهيم: ٤]، مع أن الكتاب والسنة واللغة تشهد لنا بالحق في نفس المتنازع فيه.
  قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً}[الفرقان: ٥٥] أي: معيناً.
  ولا خلاف في ذلك بين المفسرين، والكافر لا قصد له في المعاونة على الله تعالى بدليل قوله تعالى، حاكياً عن الكفار: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا
(١) أي شديد الخصومة.