[تفسير المؤلف لكلام الإمام علي #]
  ومن المعلوم أن المخلصين(١) من عباد الله تعالى يقبلون على الله تعالى ويخضعون له بالاستكانة من عند أن يقوموا بين يديه ويشرعون في صلاتهم، فيكون هذا المعنى منتفٍ في حقهم.
  وأما غير المخلص فلا يخطر [ما ذكر](٢) ببال أحدٍ منهم، فهو منتفٍ أيضاً في حقهم، فتأمل ذلك.
  والسر في كلام أمير المؤمنين # أن أول كلامه إخبار محض عن حالهم وحكمهم، والإخبار المحض ليس إلا بالمغيبات، فأجرى # اللفظ مطابقاً للمعنى، إذ لا مقتضى للعدول عنه.
  وفي قوله #: (أصفيتم بالحق غير أهله) ... إلى آخره، معنى التوبيخ كما ذكرت أولاً، وأبلغ التوبيخ ما كان في وجه الموبخ؛ لما فيه له(٣) من التقريع والتبكيت؛ ولما فيه من انتفاء ما يتهم به صاحب الوجهين، فأجراه # ذلك المجرى ليعرف أنه قصد بذلك غاية التوبيخ لهم، فتأمل جميع ذلك ترشد إن شاء الله.
  وقال علي # في وصيته لابنه الحسن @ في (نهج البلاغة): (يا بني لا تخلف من ورائك(٤) شيئاً من الدنيا ... إلى قوله: وإما رجل عمل فيه بمعصية الله فكنت عوناً له على معصيته)(٥)، فبئسما ما يخلفه عوناً على المعصية.
(١) في (أ): المخلص.
(٢) ما بين المعكوفين: سقط من (ب).
(٣) له: زيادة في (أ).
(٤) في النهج: لا تخلفن وراءك.
(٥) نهج البلاغة (٤/ ٧٥٧).