مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[قول المؤيد بالله # في كيفية إزالة المنكر]

صفحة 321 - الجزء 1

  فقال #: لا قربة في الهدنة إلى من ذكر، وإذا انتفت القربة بقي⁣(⁣١) الجواز والتحريم، لا يصح أن تكون الهدنة جائزة؛ لأن تعليله # صريح في أنه يستعان بها على الفسق أو الكفر، ومن المعلوم من دين المسلمين أن إعطاء المال إلى من يحرقه أو يرمي به في البحر تبذير، والتبذير محرم إجماعاً، ومستنده قوله تعالى: {وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيراً ...} الآية، وإذا كان ذلك محرماً فبالأولى أن يكون هذا محرماً؛ لأن تضييع المال أهون من إنفاقه في المعاصي، وذلك لا يخفى على ذوي البصائر.

  قلت وبالله التوفيق: وكلام أبي طالب يشعر بالإجماع، حيث قال: إن المعلوم من دين المسلمين ... إلى آخره.

  وفي باب البيوع الصحيحة والفاسدة من (الشفاء) أيضاً ما لفظه: ونص الهادي إلى الحق # في (المسائل) على أن بيعه ممن يتخذ الخمر لايجوز، واحتج له، فخرجوا مذهبه على أنه يكون معاونة على الإثم والفعل الحرام، وقد قال تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المائدة: ٢].

  قلت وبالله التوفيق: وإنما أخرت هذا الكلام من كلام الهادي #، ولم أذكره مع ما تقدم له؛ لأجل أن تصدر حكاية قول مخرجي مذهبه في الموضع الذي أردت من ترتيب الأقوال، والمراد معرفة ما صرّحوا به من أن بيع ما يُجعل خمراً ممن يجعله خمراً معاونة على الإثم والفعل الحرام، وأنه يستلزم تحريم ما يسلم إلى سلاطين الجور بطريقة الأولى؛ لأنهم لم ينقصوا بأخذ عوض في ذلك؛ ولأن المناكير التي تحصل بسبب تسليم⁣(⁣٢) الأموال إليهم من سفك الدماء، واضطهاد الآمرين بالمعروف، وضيم الناهين عن


(١) في (أ): نفي.

(٢) في (ب): تحصيل.