الوصية السنية
  
  هذه الوصية السنية الدريّة الزكية، وصية مولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين، وخليفة رب العالمين، المنصور بالله رب العالمين القاسم بن محمد بن علي #، أوصى بها ولده السيد البدر العالم العلم الطود الأشم، كشاف الغمم، صاحب السيادة والزهادة: محمد(١) بن القاسم بن محمد $.
  
  أما بعد، فالسلام عليك ورحمة الله وبركاته، ثم إني أوصيك أن لا تترك درس القرآن يوماً واحداً ولو في كل يوم جزءين أو جزءاً واحداً، لا تترك ذلك أبداً، وعليك بصلاة الجماعة فإنها من الواجبات، ولا يغرنّك قول من قال: إنها سنة، وعليك بملازمة العلم وطلبه فإنه من أكبر الفرائض، واستعن على ذلك بتقوى الله سبحانه؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً}[الأنفال: ٢٩] والفرقان هو: العلم والفطنة وتنوير القلب الذي يفرق به بين الحق والباطل، وتقوى الله هي: أن تترك كل حرام وكل مشتبه بالحرام كأكل الشظا لأجل الخلاف، وأن تقوم بكل ما أوجب الله عليك.
  ومما تستعين به على تحصيل العلم: ترك حب الدنيا والاشتغال بها؛ لأن النبي ÷ يقول: «من اشتدت رغبته في الدنيا أعمى الله قلبه على قدر
(١) هو الإمام المؤيد بالله محمد بن الإمام القاسم بن محمد بن علي، أحد عظماء الإسلام، ونجوم الآل الكرام، مجاهد، فقيه، زاهد، برع في عدة علوم، ودرس وأفتى، وبويع إماماً بعد وفاة والده سنة ١٠٢٩ هـ، وكانت عاصمته مدينة شهارة، وفي عهده كان جلاء الأتراك عن اليمن، وكان الإمام ورعاً عادلاً، وأخباره كثيرة، توفي بشهارة، ودفن بالقرب من جامعها (أعلام المؤلفين الزيدية ص ٩٨١ - ٩٨٢).