مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

الوصية السنية

صفحة 358 - الجزء 1

  رغبته فيها».

  وعليك بالإكثار من الحسنات؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُون}⁣[النحل: ١٢٨] وعليك بالتواضع للمؤمنين، وترك التكبر عليهم؛ لأن النبي ÷ يقول: «من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبرّ وضعه الله».

  وعليك بترك الإعجاب بنفسك، وذلك أن تعتقد أنك أفضل من غيرك من المؤمنين، فإن ذلك من الكبائر الموبقات المحبطات للأعمال؛ لأن إبليس - لعنه الله - كان قد عبد الله ستة آلاف سنة أو خمسة آلاف سنة - شككت أنا في ذلك - فاعتقد أنه أفضل من آدم #، فجعل الله عليه لعنته إلى يوم الدين.

  وروى الإمام أحمد بن سليمان⁣(⁣١) # في كتاب (حقائق المعرفة): أن أعرابياً سأل رسول الله ÷ عن صفة المحبين للرحمن، فأمر علياً # أن يخبره، فقال له علي #: (يا ذا خذ عني صفة المحبين للرحمن: عبد استصغر بذله في الله واستعظم ذنبه، ووطن نفسه أنه ليس في السماوات والأرض مؤاخذ غيره حينئذٍ - يعني اعتقد أنه لا يؤاخذ أحد من المؤمنين من أهل السماوات والأرض - قال: فصعق الأعرابي حينئذ - يعني ذهب عقله - حتى وقع على الأرض كالميت، فلمّا أفاق يعني رجع له عقله، قال: أخبرنا يا ابن أبي طالب هل تكون في حالة أعلى من هذا العبد؟

  قال: نعم، سبعين درجة حينئذٍ يعني أنه خائف أنه ليس مؤاخذ في


(١) هو الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان بن محمد بن محمد الحسني اليمني (٥٠٠ - ٥٦٦ هـ)، أحد عظماء الإسلام والأئمة الزيدية الأعلام، عالم، مجتهد، مجاهد، مجدد، برز في شتى العلوم وقام داعياً إلى الله وإلى الجهاد في سبيل الله سنة ٥٣٢ هـ، ومن مؤلفاته: (أصول الأحكام في الحلال والحرام) و (منهاج المتقين) وغيرها (أعلام المؤلفين الزيدية ص ١١٤).