مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم العمل بالمظنون عند أهل البيت $]

صفحة 54 - الجزء 1

  جلس بين الناس قاضياً، ضامناً لتخليص ما التبس على غيره، فإن نزلت به إحدى المهمات، هيَّأ لها حشواً رّثاً من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، وإن أخطأ رجا⁣(⁣١) أن يكون قد أصاب، جاهل خبّاط جهالات، غاش ركاب عشوات، لم يعض على العلم بضرس قاطع، يذري الروايات إذراء الريح الهشيم، لامَلِيٌء والله باصدار ما ورد عليه، لا يحسب العلم في شيء مما أنكره، ولا يرى أن من وراء ما بلغ منه مذهباً لغيره، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، تصرخ من جور قضائه الدماء، وتعجّ منه المواريث، إلى الله من معشر يعيشون جهالاً، ويموتون ضلالاً، ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته، - يعني إذا عمل بصرائحه -، ولا أغلى ثمناً من الكتاب إذا حرِّف عن مواضعه، لا عندهم أنكر من المعروف، ولا أعرف من المنكر)⁣(⁣٢). رُوي ذلك في نهج البلاغة.

  قلت وبالله التوفيق: وجميع كلامه # يقضي بفساد ما تُتُبع فيه الظن في كل قضّية فليتأمله الناظر.

  وقال #: (وإن أحب الخلائق إلى الله عبد أعانه الله على نفسه، فاستشعر الحزن، وتجلبب الخوف، وأضمر اليقين، وزهرت مصابيح الهدى في قلبه، فسهل على نفسه الشديد، وقرب عليها البعيد، فلم يدع مبهمة إلا كشف غطاها، ولا مظلمة إلا قصد جلاها، ولا معظلة إلا بلغ مداها، معاين طريقته، مشاهد من كل أمر⁣(⁣٣) حقيقته، شرب نهلاً، وسلك طريقاً


(١) في (أ): أرجا.

(٢) نهج البلاغة ص ٥١.

(٣) في أمالي أبي طالب: امرئ.