[حكم خبر الواحد يثمر العلم مع القرينة]
  الباطل، ومن لم ينتفع ببيّن الحق ونيّره وإن قلَّ، لم ينفعه ما زيد عليه وإن كثر، وإن أراد بذلك ما قد أورده في أثناء مسائله فسنقف عليه إن شاء الله تعالى مفصلاً.
  وأما طلبه لذكر أقوال المخالفين وحجة كل قائل:
  فالجواب والله الموفق: أني لا أبخل بما ظفرت به من ذلك عند تحرير الجواب، وما لم أظفر به ولا أتذكره فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولو توقف الجواب على استقصاء ذلك لتعذر وجوده لا سيما على من حاله مثل حالي، ولعله يجد عند غيري من بقية العلماء الأخيار من ذلك ما يُحب؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[يوسف: ٧٦].
  وأما قوله: حتى يتميز الوجه الصحيح من الفاسد لا على وجه التقليد:
  فالجواب والله الموفق: أني لا آلو في ذلك جهداً ولا صمداً(١) للحق ما استطعت، {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}[هود: ٨٨]، لكن كثيراً من أهل الزمان، أو الأكثر يستبعدون وجود المجتهد المقررِّ لشيء من الأحكام، لا على وجه التقليد، ولقد جزم السائل بما استعظمه بعضهم، حتى كاد يصير(٢) من ادَّعى الاجتهاد عنده كمدّعي النبوة.
  قال بعض العلماء ما لفظه: ولقد عظمت المحنة على من اجتهد وترك التقليد من علماء المتأخرين في كل عصرٍ من الأعصار ومصرٍ من الأمصار، كما يعرف ذلك من طالع كتب التواريخ والأخبار، ومات كثير من الأخيار بسبب ذلك في الحبوس، وطرد كثير منهم من الأمصار.
(١) في (ب): ضمراً للحق، وقوله: صمداً أي قصداً.
(٢) في (ب): يعتبر.