مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم خبر الواحد يثمر العلم مع القرينة]

صفحة 64 - الجزء 1

  قلت وبالله التوفيق: وبسبب ذلك أنهم لا يعرفون الفضل لأهله فيستعظمون دعوى الاجتهاد ممن اقتحمته⁣(⁣١) عيونهم، وحقرته⁣(⁣٢) نفوسهم، وبمثل ذلك ضلَّ أكثر الناس اقتداءً بإمامهم إبليس لعنه الله؛ لأنه استحقر آدم فعصى ربه بترك السجود له فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}⁣[ص: ٧٦]، فكانت عليه اللعنة إلى يوم الدين، وكذلك استحقرت الأمم الضالة أنبياء الله المرسلين إليهم، فلم يعترفوا بفضلهم فضلُّوا، قال تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون}⁣[الأنعام: ١٠]، وقد حكى الله عن قوم نوح ما قالوا له فقال تعالى: {فَقَالَ الْمَلاَُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِثْلَنَا ...} إلى قوله تعالى: {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ...}⁣[هود: ٢٧] الآية، وحكى عن قوم هود ما قالوا له، فقال تعالى: {إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ...}⁣[هود: ٥٤] الآية، وحكى عن قوم شعيب ما قالوا له، فقال تعالى: {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ}⁣[هود: ٩١] وحكى تعالى مقالة فرعون لموسى، فقال تعالى: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ}⁣[الزخرف: ٥٢]، وحكى عن الذين كفروا بنبينا صلى الله عليه وآله، فقال تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ}⁣[الدخان: ١٤]، وقال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ على رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}⁣[الزخرف: ٣١]، وقال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أو مَجْنُونٌ}⁣[الذاريات: ٥٢]، ومن طالع السير علم استهزاء قريش برسول الله صلى الله عليه وآله وبالمؤمنين


(١) اقتحمته أي: ازدرته وحقرته.

(٢) في (أ): وحقرت